مأرب.. بين "أوهام" النصر الحوثي والرهان على شرعية "الوهم"

السياسية - Saturday 22 May 2021 الساعة 10:35 pm
مأرب، نيوزيمن، خاص:

في الـ30 من شعبان توعدت وكالة مهر للأنباء الإيرانية بسقوط مدينة مأرب بيد مليشيات الحوثي، بمقال استفزازي لأحد عناصر الحوثي حمل عنوان "لنصومن غداً في مأرب ولنفطرن من تمرها".

بهذا المقال كانت إيران توعد بسحق خصوم الحوثي في مأرب وإذلالهم، وبأن "مأرب ستشرق بشمس غير شمس العرادة والإصلاح وداعش والقاعدة والتحالف الشيطاني"، وأن مصيرهم سيكون "تائها في الصحراء بلا زاد ولا ماء".

جسد هذا الخطاب ذروة الغرور الحوثي الإيراني بحتمية سقوط مأرب وقلب المعادلة عسكرياً وسياسياً في اليمن، والدخول لأي تسوية قادمة بأوراق تفاوض قوية.

اليوم وبعد 40 يوماً يُذكر الكاتب اليمني محمد جميح نظام إيران وإعلامه بهذا الوعيد، موجهاً سؤالا إلى الوكالة الإيرانية: كيف كان طعم التمر في بلاد السبئيين؟، مؤكداً بأنه "وبعد رمضان اتضح أن الإيرانيين أفطروا بالفعل، ولكن على جمر مأرب لا تمرها".

قرابة أربعة أشهر مضت منذ إعلان جماعة الحوثي تدشين معركتها باتجاه مدينة مأرب بخطاب ديني أوائل فبراير الماضي على لسان قياديها محمد البخيتي الذي زعم وجود "توجيه إلهي لتحرير مأرب".

البخيتي قال يومها بأن "الشعب اليمني يخوض معركة فاصلة سيترتب عليها مصير الأمة، وجبهة مارب هي الجبهة الفاصلة التي ستحدد مصير هذه المعركة"، وبالترجمة السياسية، فإن الشعب اليمني هنا هو جماعة الحوثي وما ستحدده نتائج معركة مأرب هو مصير الجماعة ومستقبلها في حالة نجحت الضغوط الدولية في الدفع بأطراف الصراع باليمن إلى طاولة المفاوضات.

إلا أن النتائج أتت بما لا يشتهيه الحوثي، فلا اختراق مهم تحقق على صعيد الجبهات في محيط مدينة مأرب، بل فشلت في العودة إلى المواقع التي كانت تحتلها قبل بدء عاصفة الحزم، رغم الفاتورة البشرية الضخمة التي قدمها الحوثي خلال الفترة الماضية، والتي تقدرها مصادر إعلامية بأنها تجاوزت 3 آلاف قتيل من بينهم عشرات القيادات.

تبخر أوهام الحوثي وإيران بالوصول إلى مدينة مأرب، لا يعكس أن الأمور مطمئنة على الجانب الآخر، في ظل اكتفاء قوات الشرعية والقبائل المساندة لها في موقف الدفاع وهو ما لا يعطي أي ضمانة بقوة الموقف على الأرض، ويجعل من مصير مأرب رهناً بخيارات الحوثي.

أداء الشرعية وتعاملها مع الموقف لم يختلف كثيراً عن المعهود منها منذ بداية الحرب قبل ست سنوات، وبتتبع ورصد إعلامها العسكري خلال الأيام الماضية، تتضح صورة إدارة الشرعية لمعركة الدفاع عن مأرب عبر "الوهم" وبـ"الوهم" من تصريحات وتحركات وقوى وأسماء.

فأحدث خبر عن المعارك في موقع الجيش الرسمي يتحدث عن قيام "قائد المنطقة السابعة وأمين العاصمة بتفقد المواقع الأمامية في جبهة الكسارة غربي مأرب"، زيارة لقائد منطقة "وهمية" انتهت بسقوط الجبهة الوحيدة لها وهي جبهة نهم بكل معسكراتها وأسلحتها برفقة أمين "وهمي" لعاصمة لا تزال بقبضة مليشيات الحوثي.

وقبل ذلك بأيام نشر موقع الجيش في الـ10 من هذا الشهر خبراً عن "ترؤس قائد محور إب العميد الركن أحمد البحش، اجتماعا في مأرب بقادة الألوية في المحور، لمناقشة المستجدات، وخطط المحور القادمة"، وهو أحد التشكيلات الوهمية التي فرختها جماعة الإخوان ضمن جيش الشرعية، ولا يزال تحت الاستخدام الإعلامي رغم تساقط جبهات العود ودمت بيد مليشيات الحوثي وتولي قوات الانتقالي زمام الأمور هناك. 

ومطلع الشهر الحالي كانت وزارة الدفاع تناقش آليات التعبئة والإسناد لمواجهة المشروع الإيراني مع محافظي محافظات مأرب والجوف والبيضاء وريمة، وهي محافظات إما بقبضة الحوثي بأكملها كريمة أو أغلبها باتت تحت سيطرته كالجوف والبيضاء، أما مأرب لم يتبق منها سوى المدينة ومناطق قبيلة مراد جنوباً.

ورغم ذلك فقد أعلنت قيادات السلطات المحلية في هذه المحافظات "تدشين مرحلة جديدة من التعبئة والإسناد لرفد الجبهات والالتحاق بالمعسكرات لمساندة الجيش الوطني في حربه ضد المشروع الإيراني في اليمن".

وإلى جانب التحركات بأدوات "وهمية"، كانت لقيادات جيش الشرعية "الوهمي" تصريحات "وهمية" تشطح بالحديث عن معركة صنعاء واستعادتها من قبضة الحوثي، للتغطية على حقيقة اقتراب المعارك من مدينة مأرب.

فعلى بعد 15 كيلو مترا فقط عن ضواحي مدينة مأرب وأكثر من 150 كم من صنعاء كان وزير الدفاع الفريق الركن محمد المقدشي "يتفقد سير العمليات القتالية"، بحسب موقع الجيش الرسمي، ليؤكد "أن الشعب اليمني وقواته المسلحة وقيادته الشرعية لن يقبلوا بتحويل صنعاء وكل اليمن إلى مستعمرة فارسية".

وباستثناء الزيارة القصيرة لرئيس الوزراء إلى مارب مطلع هذا الشهر، اكتفت قيادة الشرعية، والتي يتحدث عنها وزير الدفاع بحماسة في تصريحه السابق والمتمثلة بالرئيس هادي ونائبه على محسن الأحمر طيلة 4 أشهر من المعارك، بمتابعتها من خلال المكالمات الهاتفية من فترة إلى أخرى وبذات العبارات الرتيبة التي تتحدث عن الصمود والانتصارات في ذات الوقت.