عمان وتفخيخ اليمن.. الخطر المسكوت عنه في الحرب ضد المليشيات

السياسية - Saturday 05 June 2021 الساعة 09:00 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

يتحاشى اليمنيون "سواء كانوا نخبا أو غيرهم من العامة" منذ سنوات فتح ملف الدعم العماني لمليشيات الحوثي، والذي أصبح منظورا ومعلنا وتجاوز مربعات السرية وبراعة الأذرع الاستخباراتية في التنفيذ لهذا الدعم.

هذا الموقف اليمني مرجعه علاقة الجوار ومكانة خاصة حجزت لسلطنة عمان في الذهنية اليمنية في الماضي، بأنها دولة تمتهن الحياد في علاقاتها مع دول المنطقة وقضاياها ومن ملفات دول الجوار.

حافظ اليمنيون على تموضع السلطنة وقيادتها السياسية في المكانة المحجوزة، وهي مكانة ود واحترام، غير أن الجانب العماني كسلطة ونظام انحاز لمليشيات الحوثي ضد غالبية الشعب اليمني ومكوناته السياسية والاجتماعية، ولم يضع حسابا لصورته ومكانته في أوساط اليمنيين وأهمية تجنب استعدائهم كجيران وشركاء جغرافيا.

الدعم العماني لمليشيات الحوثي لم يعد مقتصرا على الجانب السياسي وتحول السلطنة إلى نافذة للمليشيات على العالم، بل تعدى ذلك إلى قيام السلطنة بلعب دور الناقل الأهم وصاحب التسهيلات الأخطر عسكريا بين مصدر الدعم طهران ومتلقي الدعم مليشيات الحوثي.

منحت السلطنة من قبل صنعاء امتيازا ربما كانت له ظروفه ومعطياته يتعلق بنسج علاقات مع مكونات المجتمع المهري، وكان التعاطي الرسمي اليمني مع هذا النفوذ الناعم والقوي يحسب من قبل صناع القرار في صنعاء على أنه نوع من المصالح التي يستحقها مجتمع الجوار المهري لسلطنة عمان. غير أن السلطنة استثمرت هذا الامتياز لصالح مشاريع أخرى وأجندة تخدم طهران وتستهدف دول المنطقة قبل اليمن.

وفيما تدعم عمان مليشيات الحوثي التي ترفع شعار أن القتال على حدود المملكة مشروع لاستعادة أراض يمنية قضت اتفاقية بين البلدين بسيادة الرياض عليها، فإنها تتجاهل اتفاقية مماثلة مكنت السلطنة من حيازة جغرافيا يمنية بعد سنوات من الحرب خاضتها جبهة تحرير ظفار للسيطرة على هذه المناطق التي نهبتها عمان قبل اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين.

قفزت عمان إلى تعز لتعزيز قوة الإخوان المسلمين عسكريا ضد الجنوب وضد الإمارات كما تعتقد، وفتحت منافذ العبور للدعم الإيراني للحوثيين في صنعاء ضد الرياض، وفي المقابل تعمل بقوة لمنع حضور الشرعية في المهرة، ووصل بها الحال حد تسليح قبائل في المهرة لطرد ما تسميه بالاحتلال السعودي للمهرة، وهو حضور للتحالف هدفه تجفيف منابع الدعم العسكري للحوثيين عبر البوابة الشرقية لليمن.

لم تخدم سلطنة عمان مسار الحل السياسي بحكم تأثيرها على مليشيات الحوثي، وكل ما تنجزه هو التوسط لإطلاق سجناء أو تمرير سفر قيادات حوثية أو ضباط إيرانيين إلى صنعاء، ووصول سفير طهران إلى صنعاء ضابط الحرس الثوري حسن إيرلو خير دليل على هذا الدور السلبي.

وفي فترات سابقة كان التحرك العماني وصل الى محافظة شبوة، حين كانت قوات النخبة الشبوانية تؤمن المحافظة، غير أنه مع اجتياح الإخوان للمحافظة قبل عامين تراجع هذا التحرك ليصب في تعزيز نفوذ الإخوان وتقوية قبضتهم على المحافظة.

 تنشط سلطنة عمان لتقوية حضور الإخوان ضد الجنوب وتعزيز سيطرة الحوثيين على الشمال، وهي هنا تؤسس لمسار حرب يمهد لتمكين المليشيات الحوثية من ابتلاع كل اليمن من خلال ضرب المكونات التي تقاتل الحوثيين في بعضها وفتح معارك جانبية لتشتيت الجهد الموحد ضد عدو الشعب المركزي المتمثل في مليشيات الحوثي.

سكوت اليمنيين على ما تفعله سلطنة عمان ببلدهم يجب أن ينتهي، فهو دور لا يقل عن الدور الإيراني وخطورته أكبر، كون السلطنة دولة حدودية مع اليمن تملك أوراقا عديدة لتفخيخ الوضع في اليمن، ومواجهة هذا النشاط العماني يستوجب ربطه بالدور الإيراني والتصدي له بكل الوسائل المتاحة.


وإذا كانت بوابة العرب الشرقية "العراق" قد تسبب تمكين طهران من تجاوزها في إغراق بلاد الرافدين والشام في المستنقع الفارسي وفخخ الشريط الحدودي لدول الخليج مع العراق بكثير من المخاطر، فإن التهاون عن تأمين بوابة اليمن الشرقية يعني فتح اليمن بكلها لتشكل الجزء الثاني من الطوق الفارسي على المنطقة.