محرقة مأرب.. حين برَّرت الغايات "الإخوانية" وسائل الموت الإيرانية

تقارير - Tuesday 08 June 2021 الساعة 07:57 pm
مأرب، نيوزيمن، خاص:

فجَّرت حادثة تكريم حركة حماس الفلسطينية، وهي أحد أذرع جماعة الإخوان المسلمين، للقيادي الحوثي البارز محمد علي الحوثي، غضباً واسعاً بين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونشر إعلام جماعة الحوثي، الاثنين، خبراً عن قيام ممثل الحركة في صنعاء ويدعى معاذ أبو شمالة، بتكريم محمد علي الحوثي، تحت مزاعم "دوره في دعم ونصرة القضية الفلسطينية"، مع نقله تحيات قيادة الحركة "للقيادة اليمنية ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي".

وبث إعلام الحوثي تصريحاً مصوراً لممثل حماس عقب التكريم اعتبر اللقاء "تتويجاً للعلاقات بين حركة حماس ومع الأخوة في أنصار الله (الحوثيين)"، معرباً عن أمله في أن "يزيد الله من هذه العلاقة ويجمعنا دائماً في طريق النصر".

هذا الموقف فجّر غضب اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي ضد تكريم حماس للحوثي، بعد يوم من المحرقة التي ارتكبتها مليشيات الجماعة باستهدافها محطة وقود في مدينة مأرب.

وبحسب آخر إحصائية، فقد أسفر الاستهداف عن مقتل 21 شخصاً بينهم طفلان تفحمت جثث غالبيتهم جراء الحريق، في حين أصيب العشرات، ومن بين ضحايا المحرقة الطفلة "ليان" التي تداول ناشطون صورة مؤثرة لجثتها وهي متفحمة تماماً إلى جوار والدها.

وأنكرت جماعة الحوثي مسئوليتها عن الحادثة في البداية، بل قامت قيادات منها بنشر صورة زعمت فيها بأن صورة جثة الطفلة ليان ليست من اليمن بل في سوريا، ليتضح لاحقاً كذب ذلك.

وعلى وقع تزايد الإدانات المحلية والدولية للجريمة، أقرت جماعة الحوثي بارتكابها بلسان محمد علي الحوثي، في تغريدة له، زعم فيها بأن مليشياته استهدفت مقر المنطقة العسكرية الثالثة في مدينة مأرب، وطالب بلجنة تحقيق مستقلة، وقال بأن جماعته مستعدة لدفع التعويضات في حالة أثبتت التحقيقات سقوط ضحايا من المدنيين.

اللافت أن تغريدة الحوثي جاءت بعد ساعات من تكريمه من قبل حركة حماس، وهو ما ساهم في ارتفاع غضب اليمنيين ضد الحركة واعتبار ما قامت به جريمة تضاف إلى جرائم تنظيمها الأم "جماعة الإخوان المسلمين".

حيث ذكَّرت محرقة مأرب الأخيرة، بالخسارة التي لحقت بالمدينة جراء انسحاب دولة الإمارات من اليمن أواخر عام 2019م جراء تحريض جماعة الإخوان ضدها، وكان من نتائجها سحب منظومة "باتريوت" الدفاعية التي جلبتها الإمارات لحماية مدينة مأرب.

وساهمت هذه المنظومة بحماية المدينة قرابة 4 سنوات من هجمات مليشيات الحوثي الصاروخية، حيث تصدت لعشرات الصواريخ البالستية، إلا أن المشهد اختلف تماماً بعد انسحاب الإمارات وباتت فيه مدينة مأرب تحت رحمة صواريخ الحوثي.

لتظهر أصوات داخل الشرعية تطالب بتوفير هذه المنظومة، حيث طالب بذلك وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي، في تغريدة له على "تويتر"، قال فيها بأنه "من المهم توفير صواريخ وبطاريات باتريوت لحماية مدينة مأرب والسكان المدنيين والنازحين".

دعوة المجيدي لاقت سخرية من المتابعين والناشطين، الذين ذكّروا المسئول الحكومي بأن هذه المنظومة الأمريكية تعد من الأحدث والأغلى عالمياً، حيث يصل سعر المنظومة الواحدة إلى نحو مليار دولار، في حين يبلغ سعر الصاروخ الواحد الذي تطلقه المنظومة لاعتراض صاروخ آخر نحو 3 ملايين دولار.

وسمحت الولايات المتحدة الأمريكية ببيع المنظومة لـ11 دولة فقط حتى الآن، في حين لا تزال ترفض بيعها لعدد من الدول وعلى رأسها تركيا التي ظلت لسنوات تفاوض على شرائها وسط رفض أمريكي، ما دفعها إلى شراء منظومة S400 الروسية.

ولم تكن هذه المنظومة وحدها ما قدمتها الإمارات لمأرب، بل ساهمت قواتها على الأرض في تحرير الجبهات في مأرب والجوف ووصولاً إلى نهم في الفترة من منتصف 2015 وحتى أواخر 2017م، رغم الخسارة الفادحة التي تعرضت لها بمقتل 45 جندياً إماراتياً بضربة صاروخية لمليشيات الحوثي على معسكر للتحالف بمارب في سبتمبر 2015م.

ورغم استمرار التحريض الإخواني الذي تسبب في سحب الإمارات لتواجدها على الأرض، إلا أن دور الإمارات في الدفاع عن مأرب لا يزال مستمراً، بحسب تأكيد التحالف الذي أصدره مؤخراً لنفي شائعات إخوانية بوجود قاعدة عسكرية للإمارات في ميون.

حيث أكد التحالف بأن "الجهد الإماراتي الحالي يتركز مع قوات التحالف في التصدي جواً للمليشيات الحوثية في الدفاع عن مأرب"، وهو ما شكل فضيحة مدوية لكل الاتهامات الإخوانية الموجهة ضد الإمارات خلال الفترة الماضية، في حين أنها لا تزال تسعى لمنع سقوط آخر معقل للشرعية في الشمال وأهم معاقل الحياة للإخوان أيضاً.

هذا الانفضاح ربما دفع بالجماعة إلى محاولة الحفاظ على ماء وجهها، من خلال التصريح اللافت لأحد أبرز القيادات القبلية الإخوانية في مأرب الشيخ علي بن حسن بن غريب لقناة "سهيل" التابعة للجماعة، والذي امتدح الدور الإماراتي في مأرب وقال بأن قبائل المحافظ لا يمكنها أن تنكره.

ورغم أن البعض اعتبر ما قاله بن غريب بأنه ضمن سياسة إخوانية في "توزيع الأدوار"، إلا أنه في حد ذاته شهادة إدانة بحق جماعة الإخوان وبأنها تحدد أعداءها وتحالفاتها وفق مصالحها الخاصة على حساب مصالح الأوطان سواءً في اليمن أو في فلسطين أو في دول أخرى، ووفق مبدأ الانتهازية السياسية القائم على أن "الغاية تبرر الوسيلة".