احتفال الغدير الحوثي.. مناسبة للعن الصحابة وتكرار للتضليل وتجسيد للتشيع الإيراني

الحوثي تحت المجهر - Thursday 29 July 2021 الساعة 08:26 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

بالتزامن مع تنظيم مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، لفعاليات مذهبية باسم (يوم الولاية) بدأت تتكشف الكثير من المواقف التي كان قيادات وناشطو المليشيات يخفونها عقب انقلابهم على السلطة وسيطرتهم على مؤسسات الدولة وإسقاط العاصمة صنعاء بالقوة والحرب في 21 سبتمبر 2014م.

والمتابع لمواقف المليشيات الحوثية منذ انقلابها وحتى اليوم سيجد أنه مع مرور كل عام ومع بقائها مسيطرة على العاصمة صنعاء، تظهر الكثير من المواقف المتعلقة بجانبها المذهبي الذي يسعى لفرض معتقداتها المرتبطة والمستمدة من إيران مذهبيا من خلال الإفصاح عن تدينها بالمذهب الجعفري الاثني عشري، وسياسيا من خلال إعلان ارتباطها سياسيا بمشروع (ولاية الفقيه) والتبعية لما يسمى (محور المقاومة) الذي تدعمه وتتزعمه وتقوده الجمهورية الإيرانية منذ ثورة الخميني في عام 1979م.

بعد إنكار... لعن الصحابة ومعاوية على رأسهم، ظلت قيادات المليشيات الحوثية تنكر مرارا أنها تمارس أسلوب اللعن للصحابة -رضوان الله عليهم ومنهم معاوية ابن أبي سفيان- لكن إنكارها ذلك لم يستمر كثيرا، حيث بدأت أصوات كثير من قياداتها الدينية وحتى السياسية والناشطين يظهرون ثقافتهم القائمة على اللعن لمعاوية بناء على مفاهيم ماضوية متعلقة بالخلاف الذي نشب بين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه، والذي انتهى إلى انتصار معاوية وتأسيسه للدولة الأموية التي يحسب لها ترسيخ الإسلام ونشره وايصاله إلى الصين وأوروبا.

ومن نماذج كثيرة رصد "نيوزيمن" بعض مواقف قيادات المليشيات الحوثية التي تجاهر بلعنها لمعاوية بن أبي سفيان، حيث رصد تغريدة للقيادي الحوثي المدعو قاسم الحمران (أبو كوثر) والذي يشغل منصب القائم بأعمال المكتب التنفيذي للمليشيات الحوثية، ومنصب نائب وزير التربية في الحكومة الحوثية، مضمونها الرد على تغريدة أخرى للقيادي الإخواني والبرلماني محمد الحزمي، حيث أبان القيادي الحوثي الحمران عن ثقافة اللعن بقوله: وهل استشهد الإمام الحسن مسموما إلا لأنه حارب معاوية (اللعين)، وهل استشهد الإمام الحسين في كربلاء مظلوما إلا لأنه رفض البيعة ليزيد (اللعين).

كما رصد "نيوزيمن" تغريدة أخرى للقيادي في المليشيات وأحد ممثليها في مؤتمر الحوار الوطني وهو المدعو عبدالسلام بن محمود جحاف نصها: (وجاء يقلي معاوية صحابي لعن أبوه على أبو الكلب الذي رباه).

وخلافا لدعايات المليشيات الحوثية التي تنكر بعضها إيمانها أو ممارستها لثقافة اللعن للصحابة، وسعي بعضها للزعم بأن ما يصدر من لعن من بعض القيادات المحسوبة عليها إنما هي مواقف شخصية، أكدت عدة مصادر من الأشخاص (الموظفين) الذين خضعوا لدورات الحوثي المذهبية لنيوزيمن: أن ثقافة اللعن للصحابة إحدى أبرز المرتكزات التي يقوم عليها فكر المليشيات، وأنها وإن حاولت إخفاء ذلك إعلاميا إلا أنها تظهره بشكل قوي وواضح في دوراتها المذهبية للموظفين، وفي محاضراتها ولقاءاتها مع مناصريها أو من تحشدهم إلى جبهات القتال، وتمارس ثقافة لعن الصحابة في أوساط مناصريها من المقاتلين بشكل يومي.

وحسب المصادر، فإن ما تضمنته تغريدات بعض القيادات الحوثية من لعن لمعاوية ليس سوى نموذج بسيط لثقافة تحاول المليشيات ترسيخها في عقول الأطفال وصغار السن الذين تحشدهم إلى مراكزها الصيفية، أو إلى دوراتها القتالية وتزج بهم إلى جبهات القتال.

(يوم الغدير).. مزاعم وتضليل يعريه الأقربون

وعلى غرار أساليب الاستخدام الديني والسياسي الذي تمارسه مليشيات الحوثي مع مسمى (يوم الغدير) أو (يوم الولاية) وما تنسجه حول هذه المناسبة المذهبية من روايات وأساطير ومزاعم وادعاءات لا حصر لها، وتسعى من خلالها لتحقيق أهداف ومكاسب سياسية أبرزها ترسيخ فكرها المذهبي وادعاءاتها بحقها الإلهي في السلطة والحكم، ومزاعم انتسابها للرسول صلى الله عليه وسلم وابنته فاطمة، تظهر بعض قيادات المليشيات نموذجا لهذا الأسلوب الذي يهدف إلى ممارسة التضليل على الناس من جهة، واستخدام مسمى يوم الغدير لتحقيق مكاسب شخصية في إطار صراعات وخلافات الأجنحة الحوثية.

وفي هذا الإطار رصد "نيوزيمن" تغريدتين متناقضتين كليا لنجلي القيادي الحوثي الدكتور أحمد شرف الدين ممثل المليشيات في مؤتمر الحوار الوطني الذي اغتيل بالتزامن مع موعد انتهاء المؤتمر في 21 يناير 2014م .

في التغريدة الأولى نشر نجل الدكتور أحمد شرف الدين هاشم الذي كان يشغل منصب نائب وزير إعلام في حكومة المليشيات -قبل أن يعلن توقفه عن ممارسة مهامه وتواجده في منزله- زعم أنه وبمثل هذه الأيام وقبل مقتله بعام أو اثنين قاطع والده أحمد شرف الدين خطبة الجمعة وخطيب جامع مساكن جامعة صنعاء بحجة أن الأخير كان يشنع على احتفال اليمنيين بعيد الغدير كما زعم هاشم شرف الدين الذي أضاف في تغريدته، فحاول عدد من الحاضرين وبينهم أساتذة في الجامعة الاعتداء عليه –أي على والده- لكنهم جبنوا فقد رأوه متأهبا ومعه أحد إخوتي.

التغريدة التي تزامنت مع حملات المليشيات الحوثية الدعوة للاحتفاء بما تسميه (عيد الغدير) أو (يوم الولاية).

مضمون التغريدة بما يحمله من مزاعم وتضليل وترويج سياسي لمفهوم الغدير والاحتفاء به والادعاء بأن اليمنيين كانوا يحتفلون به قبل سيطرة المليشيات وانقلابها على  السلطة، لم يصمد كثيرا، إذ سرعان ما سارع شقيقه أحمد لتعرية تلك المزاعم بتغريدة نفى فيها صحة ما نشره شقيقه هاشم عن خلاف والده مع خطيب مسجد الجامعة حول مسمى يوم الغدير.

وأوضح أحمد شرف الدين أن خلاف والده مع خطيب مسجد الجامعة كان حول الاحتفال بالمولد النبوي، حيث ذكر أن والده ذهب إلى الخطيب قبل خطبة الجمعة وطلب منه عدم التطرق إلى موضوع الاحتفال بالمولد النبوي لأنه موضوع خلاف، زاعما أن الخطيب وافق على ذلك قبل أن يتراجع ويحرم في خطبته الاحتفال بالمولد النبوي ويعتبره بدعة وهذا ما جعل والده يتدخل يومها ويرد على الخطيب.

ولم يكتف نجل الدكتور أحمد شرف الدين بتعرية مزاعم شقيقه هاشم الذي ادعى أن بعض أساتذة الجامعة حاولوا الاعتداء على والده وأنهم جبنوا لأنه كان متأهبا كما زعم، بل أكد في تغريداته أن والده ورغم خلافه مع خطيب مسجد الجامعة حول موضوع الاحتفال بالمولد النبوي استمر على علاقة حسن الجوار مع الخطيب وفي أداء فروض الصلاة في المسجد، مختتما بتأكيد نفيه لمزاعم شقيقه بالقول (وقد كنت حاضرا ومرافقا لوالدي في تلك الواقعة).

ووصفت مصادر إعلامية التناقض الفاضح بين تغريدات نجلي القيادي الحوثي الذي تم اغتياله الدكتور أحمد شرف الدين بأنه دليل واضح على حقيقة المزاعم التي تنسجها قيادات المليشيات وإعلاميوها وناشطوها حول فعالياتهم المذهبية وعلى رأسها يوم الغدير.

وأضافوا لنيوزيمن: وبالإضافة إلى أن ذلك التناقض يكشف ما تمارسه مليشيات الحوثي من أساليب تضليل وادعاءات لا أساس لها، فإنها تفصح أيضا عن حقيقة الخلافات التي تشهدها الأجنحة المتصارعة داخل الحركة، فهاشم شرف الدين الذي يتفاخر بانتمائه للمليشيات ويجاهد في استخدام تاريخ والده للتكسب الشخصي حتى ولو كان ذلك على حساب موقفه من قضية اغتيال والده التي لا تزال قضية يلفها الكثير من الغموض خصوصا بعد إعلان المليشيات الحوثية الحكم بإعدام شخص يدعى مجدي عبدالكريم المتوكل، بتهمة ارتكابه لجريمة الاغتيال، مدعية أنه أحد أعضاء تنظيم القاعدة، فيما أكدت مصادر أنه –أي المتوكل- كان أحد عناصر المليشيات الحوثية وأن جريمة اغتيال قيادات من المليشيات من شرف الدين إلى جدبان والخيواني وآخرهم حسن زيد كلها شواهد على صراعات وتصفيات أجنحة متصارعة داخل المليشيات، يقف شقيقه أحمد في الجانب الآخر، حيث يعبر عن مواقف ناقدة ومهاجمة لسياسات المليشيات الحوثية وما تمارسه من مظالم بحق الناس، وينشر ذلك في تغريدات على صفحته بموقع تويتر، بل ويستند في مواقفه إلى خطب والده، وهو الأمر الذي يعكس عدم رضاه على طريقة تعاطي المليشيات مع قضية اغتيال والده ومحاولتها ربط المتهم بالقتل بتنظيم القاعدة.

الغدير.. احتفاء حوثي بمظاهر أثني عشرية

وتصاعدت في السنوات الأخيرة مظاهر الاحتفالات الحوثية بما يسمى بيوم الغدير، بمظاهر تقليدية لما تشهده إيران، وهو الأمر الذي يفسره الكثيرون كأحد أدلة عمالة وتبعية المليشيات لطهران.

الإعلامي المنتمي لمليشيات الحوثي عبدالفتاح حيدرة وهو أحد أبناء محافظة الضالع -والذي كان ضمن فريق القيادي في المليشيات صالح الصماد قبل مقتله وتم إقصاؤه بعد ذلك– انتقد سعي المليشيات لتحويل الاحتفال بيوم الغدير إلى احتفال شيعي.

ورغم زعمه أن الزيدية لها موروث غني من أشعار وشعائر وعادات وتقاليد يمنية ضخمة للاحتفال بيوم الغدير، إلا أنه انتقد إصرار المليشيات على تحويل الاحتفال بهذه المناسبة المذهبية بأساليب مستوردة من إيران، وقال في منشور له على صفحته بالفيس بوك: لماذا نستورد من الخارج احتفالنا بهذا اليوم.. شعائر وأشعار الأثناء عشرية غير المتزنة تغزي الزيدية بشكل لا يليق بها ولا بأهلها.

وحسب المصادر الإعلامية التي تحدث إليها نيوزيمن، فإن تغريدة الإعلامي التابع للمليشيات الحوثية عبدالفتاح حيدرة هي تعبير عن موقف داخل المليشيات خصوصا من المناصرين والتابعين لها من المحافظات ذات الأغلبية الشافعية والتي بدأت تكتشف أن ممارسات المليشيات تظهر ارتباطهم واتباعهم للمذهب الاثني عشري المستورد من إيران، وأنهم بذلك يكشفون عن وجوههم الحقيقة التي تتماهى مع توجهات إيران مذهبيا وسياسيا ولم تعد لها علاقة باليمنيين.