أوراس الارياني يتذكَّر: كيف أسقطت الأحزاب ثورة فبراير

السياسية - Friday 30 July 2021 الساعة 04:27 pm
صنعاء، نيوزيمن:

بعد سقوط بن علي في تونس ومبارك في مصر في يناير 2011، بدأت المظاهرات في اليمن لإسقاط نظام علي عبدالله صالح.

خرج بعض شباب الأحزاب إلى الشارع ثم خرجت الناس وشباب مستقل وأولاد الحواري ونساء وشيوخ ورجال باحثين ومطالبين بحياة كريمة ومستقبل أجمل خرجوا بصدق. والكتابة عنها يجب أن تكون أيضا صادقة.

 في 11 فبراير تشكلت الساحات وكان كل شيء جميلا كحلم رجل من خولان اخبرني في الساحة انهم سئموا وملوا من حمل السلاح، خرج رغبة ان يكون ابنه في المستقبل يحمل لابتوبا..

كانت الساحات تحلم بيمن سعيد خالية من مظاهر السلاح وسلمية مئة بالمائة.

المنصة:

كان أمام كل خيمة أغان ورقص وفرح..

الجميع منصة عظيمة وخيمة فيها فعالية ثقافية وأخرى استضافت شاعرا.. كان هناك تنوع جميل.

وفي فترة الحلم القصيرة أعلنت أحزاب المعارضة لنظام صالح وعلى رأسهم حليف صالح القديم..

بدا الصراع على المنصة.

كنت أظن أن تحتها نفط.

وهذا أول خندق ضيق لأحلام الناس.

أذكر أنهم ضربوا مجنونا اعرفه منذ خمس عشرة سنة في سوق القات بشارع الزارعة بتهمة أنه مخبر على الثوار.

بدأت خيام الأحزاب ترفع صور زعمائها وشعاراتها. حتى تلاشت احلام المستقلين واولاد الحارة والعاطلين عن العمل.

لم يجدوا من يرفع احلامهم ويحتضنها!

وبعد جمعة الكرامة في 21 من مارس انضم قائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن الأحمر. وتغير كل شيء. تحولت من ثورة شبابية إلى ثورة حزبية.

حتى المظاهرات التي تقول وتهتف لا حزبية لا أحزاب ثورتنا ثورة شباب تنضمها أحزاب ويخرجون شبابهم.

أذكر بعد جمعة الكرامة بأسبوع ذهبت للجان الأمنية 

وسألتهم: أين هم القتلة الذين قتلوا الشباب في جمعة؟

قالو لي بصفتك من تسأل؟

قلت بصفتي شخصا موجودا في الساحة ربما أُقتل غدا.

اتهموني بأني مندس وأين خيمتك.

واخذتهم لخيمة تيار المستقبل التي كنت من شبابها وجدت صديقا قال لهم: هذا معنا هنا.

 ونجوت..

حينها كانت قيادة الأحزاب يشتغلون سياسة باعتبار ان اعضاءهم في الساحات يعملون ثوارا..

الصحف التي تصدر داخل الساحات صحف تتبع احزابا يمينية ويسارية.

اما المستقلون واولاد الحارات وبعض شباب الأحزاب الذين يعتبرون الوطن اهم من امينهم العام لا يملكون سوى احلامهم وبناء وطن جميل.

المنصة حرموا منها كانوا اكثر عرضة للتهم والقمع. فغادر معظهم الساحات.

ومن تبقى منهم غادروا بعد تشكيل حكومة الوفاق.

هناك بعض مشاهد تحدث في الساحة، مثلا تكون هناك خيمة فيها ندوة عن المواطنة أو الحكم الرشيد أو أو أو..

والحضور يقعدون على الكرسي وعند بوابة الخيمة تجد بعض الواقفين من ابناء القبائل يستمعون. لن يتكرم احد من منظمي الفعالية بالترحيب بهم.

كان هناك تعال على هؤلاء الناس.

هؤلاء تركو اسلحتهم في البيت واتوا للساحة واتو اليك..

كان الاشتراكي يكلم الاشتراكي والناصري يكلم الناصري والاصلاح يكلم الاصلاحي كل الاحزاب تكلم نفسها وتحالف مع بعضها لم يتحالفوا مع احلام الناس.

كانت أحلام الأحزاب لا تشبه أحلام الناس البسيطة.

ابن الحارة والمستقل يستشهد لن تطبع له صورة 

سيكتب قصيدة ولن يصعد للمنصة ويلقيها..

تلاشت أحلام الثورة التي بدأت بشعار الشعب يريد إسقاط النظام إلى شعار كلما زدنا شهيد يا علي اهتز عرشك.

أصبحت ثورة لإسقاط صالح فقط بغير أحلام ولا أهداف.

حتى عندما وقعت حادثة النهدين ذبحت الاثوار واقيمت الاحتفالات.

تلاشت سلمية الثورة. كما تلاشت وتفتت قضايا واحلام جميلة انطلقت في بداية الثورة.

اضحكني احد الاصدقاء قائلا لي: إن كل الذين نصبوا عليه في حياته وجدهم في الساحة..

هذا قبل انضمام كل الذين نصبوا على الوطن إلى الساحة.

والعمل الثوري أصبح مناكفات وتبادل تهم داخل الساحات.

إلى أن جاء لحظة تسليم صالح السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي.

وتشكيل حكومة الوفاق أنهت العمل الثوري للشباب الأحزاب ومات الحلم الميت.

وأصبح لهم مطالبهم الخاصة عند وزرائهم.

وأصبحت المظاهرات تخرج من أجل رفض الحصانة التي منحت لصالح وغيرها من التفاصيل، التي أزاحت وقضت على احلام الناس كرامة حرية مساواة عدالة اجتماعية كل هذا انتهى..

أما الشاب المستقل ابن الحارة البسيط نادما لخروجه..

بينما الشاب المنتمي للأحزاب يرى في هذا الشاب احمقا وان زعيمه عفاش مجمدا في الثلاجة.

وهذا الحدث الكبير لثورة فبراير كان عظيما بخروج الناس بصدق حاملين احلامهم التي لم يحملها احد.

سيقول احدهم ان الثورات تحقق اهدافها بعد فترة من الزمن.

لا اعتقد ذلك، لأن ثورة فبراير دمرت وهي في الساحة.

لهذا لن تجد مستقلا أو ابن حارة يذكرها ويحتفي بها أو يذكرها..

من يكتب ويحتفي بها هم المنتمون للأحزاب.

جعلو الثورة مثل شخص دخل الحمام واستحم ولبس نفس الثياب.

تحية لكل الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل حياة كريمة عدالة مساواة.

ولم يتحقق شيء سوى الخذلان.

*من صفحته في الفيسبوك