الإخوان وإيران.. عقود من الود المتبادل والتآمر المشترك

السياسية - Sunday 31 July 2022 الساعة 08:06 am
صنعاء، نيوزيمن، محمد يحيى:

العلاقة بين جماعة الإخوان وإيران، ترتبط بجذور تاريخية، منذ تأسيس هذه الجماعة عام 1928، عززتها الزيارات المتبادلة، واللقاءات التي جمعت بين المرشد الأول للجماعة حسن البنَّا، وبين رجال الدين الشيعة والملالي أمثال: تقي القمي، وآية الله كاشاني، ونواب صفوي، وآية الله الخميني.

في آواخر ثلاثينيات القرن الماضي، زار “سيد روح الله مصطفى الموسوي الخميني” الذي أصبح،ِ لاحقا، الإمام «آية الله الخميني» المقر الرئيسي لتنظيم الإخوان في مصر، حيث عقد لقاءً خاصاً مع المرشد حسن البنا، الذي ارتبط بعد ذلك بعلاقات سرية طويلة وممتدة مع قائد الثورة الخمينية.

بعد ذلك بسنوات، جاءت زيارة مؤسس حركة “فدائيان إسلام” الإيرانية المتطرفة “نواب صفوي”، إلى سيد قطب في القاهرة عام 1945، لتدلل على مدى التقارب المبكر بين مشروعي الإخوان وقياديي الثورة الخمينية.

وساهمت العلاقة المتينة على المستويات السياسية والفكرية، في دمج الإخوان ضمن المشروع الإيراني الذي يدافعون عنه، إضافة إلى التبادلات الفكرية بين الطرفين، خصوصا بعد ترجمة علي خامنئي لكتابي سيد قطب “المستقبل لهذا الدين” و"الإسلام ومشكلات الحضارة" إلى اللغة الفارسية، وإعجاب الملالي الإيرانيين بهما وبمبدأ الحاكمية.

كان الإخوان أول المهللين بعد نجاح الثورة الخمينية في الإطاحة بالشاه رضا بهلوي 1979، ووصول نظام ولاية الفقيه إلى الحكم في إيران، وكانوا أول المهنئين للمرشد الإيراني آية الله الخميني بوصوله إلى الحكم، حيث رأت الجماعة في منهج الخميني في إدارة الثورة والوصول إلى الحكم نموذجا يمكن الابتداء والسير عليه.

وبدوره كان الخميني قد استنسخ نجاحه السياسي، من ترجمات كتب حسن البنا وتلميذه سيد قطب، للقيام بالثورة على الشاه، والتوغل في بنية الدولة، ثم تأسيس الحرس الثوري، الذي يعد الفكرة الأساسية لمؤسس جماعة الإخوان.

كانت جماعة الإخوان قبل الثورة الخمينية، تتحدث عن ضرورة إقامة دولةٍ إسلامية، وتحفل أدبياتها بتنظيرات لشكل المجتمع والدولة في ظل الحاكمية، وقد شكل ظهور الدولة الإسلامية في إيران، نموذجًا للجماعة لتقتدي به.

وعقب الثورة الخمينية، اعترف النظام الإيراني بـ "جماعة الدعوة والإصلاح" فرع الإخوان في إيران، ونشطت الجماعة في العمل السياسي، وصار لديها حضور شعبي في الوسط السني الإيراني.

وكشف المرشد الإيراني الحالي علي خامنئى، عن حجم العلاقة الوطيدة بين الإخوان وإيران، في ندوة حول "الحوزة الدينية والصحوة الإسلامية"، حيث أكد أن "الإخوان هم الأقرب إلى طهران بين كافة المجموعات الإسلامية".

خامنئي أيضأ، كان قد وجه خطابا في 2011، وللمرة الأولى باللغة العربية، حث فيه المتظاهرين المصريين، على الاقتداء بشخصيات مصرية مثل البنا وقطب الذي أصّلت كتبه لفكر الجهاد والإرهاب والانقلابات على الحكم، وما لبثت أن خرجت العلاقة الودية للإخوان مع النظام الإيراني للعلن، بعد وصول الجماعة إلى الحكم في مصر، حيث أصبح محمد مرسي أول رئيس مصري يزور إيران منذ صعود نظام ولاية الفقيه.

قبل ذلك، في ثمانينيات القرن الماضي، أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وقف الإخوان إلى جانب إيران، كما أظهر الإخوان بعد ذلك موقفهم المؤيد لاحتلال العراق للكويت، وكان ذلك هو نفس موقف إيران.

ومع انطلاق عاصفة الحزم 2015 في اليمن، بدعم من التحالف العربي، دفاعا عن شرعية السلطة اليمنية من الانقلابيين الحوثيين، ومنع إيران من السيطرة على أهم ممر مائي دولي في باب المندب، أظهر حزب الإصلاح «فرع الإخوان باليمن» موقفا متذبذباً من عاصفة الحزم، فكان تأييده لها إعلامياً، أما ميدانيا، تخاذل الإخوان عن مواجهة التوسع الإيراني في شمال اليمن عبر أذيال طهران الحوثيين، وسمح الإخوان للمليشيا بالتوسع في كل المحافظات الشمالية، وأيدوا توسعها إلى المحافظات الجنوبية، وهو ما أكد عمق العلاقة بين حزب الإصلاح والحوثيين، والتي هي انعكاس للعلاقة المتينة بين الإخوان وإيران.

في 2019 كشفت مجلة “انترسبت” الأمريكية. عن اجتماع عقد في تركيا عام 2014، جمع بين نائب المرشد العام لجماعة الإخوان إبراهيم منير ومسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، ممثلاً بفيلق القدس، وكان مضمون الاجتماع يقضي باستهداف السعودية ومحاولة إنهاكها عبر العمل مع الحوثيين والإخوان في اليمن.

قبل ذلك بسنوات، وفي حواره مع صحيفة «السياسة» الكويتية، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، كان وزير الداخلية السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، يصف جماعة الإخوان، بأنها "أصل البلاء" وأن "كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار»، مضيفا: «عندما اضطهد (الإخوان) وعلقت لهم المشانق لجأوا إلى السعودية فتحملتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين».