العودة إلى المدارس في صنعاء.. حروب موسمية غير متكافئة تنهك أولياء الأمور
السياسية - Wednesday 03 August 2022 الساعة 08:25 amمنذ 5 أيام ماضية يبحث عبدالله الفقيه -موظف بصنعاء- بين أصدقائه وأقاربه عن سلفة مالية بمبلغ 32 ألف ريال، (50 دولارا أمريكيا) هي قيمة ما تسمى المساهمة المجتمعية المفروضة على أولياء الأمور الراغبين في تسجيل أبنائهم في المدارس الحكومية بصنعاء للعام الدراسي الجديد 2022/ 2023م.
ليس ذلك فحسب، فزوجة عبدالله هي الأخرى ما تزال في مهمة الاستعانة بأقاربها للحصول على مبلغ قرابة 40 ألف ريال لتغطية قيمة زي مدرسي بسعر متوسط (10 آلاف ريال) لعدد 4 من أطفال الأسرة يفترض تسجيلهم بالمدارس الحكومية خلال هذا الأسبوع.
وباحتساب 10 آلاف ريال أخرى، كرقم متوسط لقيمة حقيبة وكتب ومستلزمات مدرسية لكل طالب، فإن هذه الأسرة ستحتاج إجمالاً إلى مبلغ 112 ألف ريال (200 دولار أمريكي)، لتأمين تسجيل أطفالهم الـ(4) بمدارس حكومية في مستهل العام الدراسي الجديد..
لقد بات موسم عودة الطلاب إلى فصول المدارس في صنعاء والمحافظات المجاورة لها كابوساً يثقل كاهل الآباء والأمهات ويفاقم من معاناتهم ويزيد من همومهم، في ظل استمرار نهب مليشيا الحوثي لمرتبات موظفي الدولة منذ سبتمبر/ أيلول 2016م، وفرضها للجرعات السعرية المتتالية في أسعار المشتقات النفطية والمواد الغذائية والأدوية وتعرفة الكهرباء والمياه.
اضطرت خديجة السلامي -ربة بيت- لبيع آخر قطعة من حليّها الذهبية هذا العام لتوفير قيمة رسوم التسجيل والمستلزمات المدرسية لأطفالها الثلاثة، آملة إلحاقهم بفصول التعليم الأساسي بالمدارس الحكومية العام الدراسي الجديد 2022/ 2023، في حديثها إلى (نيوزيمن) تخشى خديجة ألا تستطيع العام القادم إلحاق أطفالها بالمدارس الحكومية (من عام لآخر تصبح رسوم التعليم ومصاريف المدارس أكثر كلفة)، مضيفة: "نخشى أن يصبح التعليم لمن استطاع إليه سبيلاً".
تزعم مليشيا الحوثي أن ما تسميها المساهمة المجتمعية هي مساهمة طوعية، غير أن الواقع يفنّد هذا الادعاء، فمسئولو المدارس ومكاتب التربية في المديريات يشددون على أهمية دفع هذه المبالغ زاعمين صرفها كنفقات تشغيلية وأجور مواصلات للمعلمين.
وتستغرب أم وليد -موظفة بصنعاء- إنفاق وزارتي التربية والتعليم، والشباب والرياضة مبالغ مالية باهظة على المراكز الصيفية، وحرمان المدارس والمعلمين من النفقات التشغيلية ورواتب المعلمين، متسائلة عن مصير ايرادات صندوق دعم وتطوير التعليم العام، الذي أنشئ بهدف حشد وتوجيه الموارد المالية نحو تحقيق أهداف التوسع وتحسين نوعية التعليم.
في مادته الـ(54) ينص دستور الجمهورية اليمنية على أن التعليم حق للمواطنين جميعاً تكفله الدولة، وعلى إلزامية التعليم في المرحلة الأساسية، وتشير المادة الدستورية إلى مسئولية الدولة في العمل على محو الأمية والاهتمام بالتوسع في التعليم الفني والمهني.
وتأتي الجرعة السعرية الحوثية في قيمة رسوم التسجيل في المدارس مخالفة كلياً لتعهد حكومة عبدالعزيز بن حبتور، في برنامجها الحكومي الافتراضي، والذي تعهدت خلاله بـ(الاهتمام بالتعليم الأساسي والثانوي بما يسهم في رفع معدلات الالتحاق به)، وإيلاء اهتمام خاص بـ(بتعليم الفتاة باعتبارها حجر الزاوية في التصحيح الشامل للعملية التعليمية)، إضافة إلى (إعطاء الأولوية لضمان الجودة في التعليم الأساسي والثانوي بمختلف عناصره ومكوناته)، حسب مضامين برنامجها الحكومي..
ويرى الأكاديمي بجامعة صنعاء، عادل الشرجبي، في الرسوم والإتاوات الباهظة التي فرضتها وزارة التربية والتعليم في حكومة ابن حبتور على طلاب المدارس، أنها "بمثابة إعلان صريح وواضح عن تخلي الدولة عن واجبها الدستوري في ضمان الحق في التعليم".
متوقعا أن تؤدي مثل هذه الإجراءات إلى "مزيد من الظلم الاجتماعي والإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية في قطاع التعليم"، وأضاف: "سيغدو الوصول للفرص التعليمية حكراً على أبناء الأغنياء، وأبناء الفاسدين والعاملين في القطاعات الاقتصادية السوداء".
كما توقع الشرجبي وقوع تأثيرات مدمرة على التعليم في اليمن، منها: "زيادة معدلات التسرب من التعليم، وتوسع ظاهرة عمالة الأطفال، وتنامي ظاهرة أطفال الشوارع، وزيادة معدلات انحراف الأطفال وانتشار الجرائم في أوساطهم"، وقال: "سوف تكلف اليمن مليارات الدولارات لمعالجة هذه الظواهر والمشكلات الاجتماعية مستقبلاً".