تحليل: حلقات مفقودة في أجندة المفاوضات مع الحوثيين

تقارير - Thursday 04 May 2023 الساعة 08:24 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

منذ بداية الاتفاق على سريان هدنة أبريل 2022، مروراً بتجديداتها الثلاثة، وتطور المفاوضات لإنهاء الحرب في اليمن إلى مستوى إقليمي، تكاد تبدو جهود التسوية السياسية مراوحة في مكانها.

أمس الثلاثاء، قال المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس جروندبرج، في ختام زيارته لقادة مليشيا الحوثي في صنعاء، إنه سمع منهم كلاماً مشجعاً ولم ينس أن يشمل "جميع الأطراف" بأنهم شجعوه أيضاً لانخراطهم البناء في جهود التسوية. غروندبرج الذي قال إن نقاشاته مع قادة الجماعة كانت "صريحة ومفصلة" تبنى في إحاطته الصحفية التي ألقاها في مطار صنعاء، أثناء مغادرته إلى عدن، تبنى وجهة النظر التي كانت قيادات حوثية صرّحت بها بعد أيام من زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء (أبريل الماضي)، وتتمحور حول ضرورة أن يقدم أي اتفاق سلام "فوائد ملموسة".

من الطبيعي أن يتبنى أي وسيط للسلام في تصريحاته وجهة نظر هذا الطرف أو ذاك للحفاظ على التوازن واستمرار القبول به وسيطاً غير متحيّز، غير أن تصريحات جروندبرج هذه المرة لم تحمل حتى رسائل غير مباشرة للحوثيين بشأن تهديداتهم المستمرة بالتصعيد العسكري. كما أن البنود التي حث على ضرورة تنفيذها ما زالت هي نفسها التي تضمنها اتفاق هدنة أبريل، باستثناء "استئناف صادرات البلاد من النفط"، وبدلاً من "فتح مطار صنعاء"، حثّ على "زيادة عدد الوجهات والرحلات الجوية.

طيلة العام المنصرم، تم فتح مطار صنعاء ورفع القيود على السفن التجارية إلى ميناء الحديدة، فيما بقي بند "فتح الطرقات" المغلقة من قبل الحوثيين في تعز والمحافظات الأخرى، دون تنفيذ. وفي الوقت الذي رفعت فيه المزيد من القيود عن ميناء الحديدة، هاجم الحوثيون ميناء تصدير النفط في حضرموت، وتباهى عبدالملك الحوثي في أحد خطاباته بدقة تصويب الصاروخ الذي قال إنه "أصاب حتى الحنفية" الخاصة بضخ النفط. أدان المجتمع الدولي ومجلس الأمن ذلك الهجوم الذي كان من شأنه أن يقوض جهود السلام من أساسها، لكن الذهاب إلى مفاوضات أكثر تقدماً عقب الهجوم بفترة قصيرة، أعطى الحوثيين مجالاً أوسع للمناورة والتمسك بشروطهم، بما في ذلك زيادة وجهات الرحلات الجوية من مطار صنعاء، بالرغم من أن ذلك يعتمد على موافقة الدول الأخرى وليس الحكومة اليمنية فقط.

اللافت في هذه المفاوضات هو غياب شروط مجلس القيادة الرئاسي عن التداول في تصريحات القادة الحكوميين، مقابل تصريحات الحوثيين المتكررة والمتشددة بشأن شروطهم، من قبيل صرف مرتبات جميع الموظفين الحكوميين من عائدات النفط، ناهيك عن الشروط غير المعلنة وضغطهم على الوسطاء الإقليميين والدوليين بتنفيذ البنود الكفيلة بالاعتراف بهم كسلطة شرعية على ما تحت أيديهم من الجغرافيا اليمنية. من ناحية أخرى، أدى حصر الشروط الحكومية في المفاوضات على فتح الطرقات والمنافذ المغلقة من قبل الحوثيين، ورفض الجانب الحكومي صرف المرتبات من عائدات النفط فقط، إلى تكريس الحوثيين لسلطتهم أبعد من كونهم "سلطة أمر واقع". فالتغييرات التي أجروها في بنية المؤسسات الحكومية وتمسّكهم بأحقيتهم في حكم اليمن بموجب ما يسمى "مبدأ الولاية" واستعدادهم للقتال في سبيل طموحهم السلطوي، كل ذلك لا تقابله اشتراطات حكومية واضحة في أجندة المفاوضات. ذلك أن البند الخاص بتشكيل حكومة وحدة وطنية يبدو بعيد المنال قياساً بما تفعله الجماعة الانقلابية لتثبيت نفسها كحاكم مطلق للبلاد دون الحاجة لانتخابه من قبل الشعب. 

وفي محصلة الرؤية المنظورية لجهود التسوية السياسية تبدو الصورة كالتالي: إذا كانت المفاوضات الجارية متعثرة بتفاصيل المرتبات والمنافذ الجوية والبرية والبحرية، فكيف يمكن أن تكون عليه عندما يصل التفاوض حول شكل الحكومة وبنية الدولة، وهما النقطتان اللتان فجر الحوثيون الحرب في 2014، أثناء نقاشهما في مؤتمر الحوار الوطني! صحيح أن اليمن أمام فرصة ثمينة لإحلال السلام، لكنها فرصة "محفوفة بالمخاطر" بتعبير هانس جروندبرج في إحاطته الإعلامية الأخيرة.