تشريعات البعبع.. استراتيجية حوثية لابتلاع القطاع الخاص اليمني

تقارير - Saturday 17 June 2023 الساعة 10:23 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

تتواصل مساعي جماعة الحوثي لإغراق القطاع الخاص في مناطق سيطرتها، بإجراءات اقتصادية مشددة، الأمر الذي أثار مخاوف التجار ورجال الأعمال، إذ يرى البعض أن الإجراءات التي أصدرتها الجماعة بمثابة محاولة حوثية لتدمير مؤسساتهم وإفلاسها. 

وأقرت ذراع إيران خلال الفترة الماضية، إجراءات اقتصادية، شملت فرض قوائم سعرية لأصناف مختلفة من السلع، وإغلاق عدد من الشركات التجارية، بالإضافة إلى إقرار تعديلات في قوانين ضرائب الدخل وضريبة المبيعات والجمارك، ومنع عدة شاحنات تجارية من دخول مناطق سيطرتها. 

وتتزامن الإجراءات التي أقرتها المليشيات على القطاع الخاص، مع تحول الجماعة إلى استبدال القطاع الخاص بتجار موالين لها، وهو ما يرجح مراقبون أنه محاولة لبناء اقتصاد خاص بالجماعة، بالإضافة لضرب منافسيهم في السوق والاستحواذ على مساحة البيع والشراء. 

إجراءات جديدة 

وفي هذا السياق، نقلت وكالة "سبأ" الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، أن مجلس الوزراء التابع لذراع إيران في صنعاء، وافق على المشاريع المقدمة من قِبل نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وزير المالية، رشيد أبو لحوم.

وبحسب الوكالة، تتمثل الموافقة بتعديل القانون رقم (19) لسنة 2001م بشأن الضريبة العامة على المبيعات وتعديلاته، وكذا تعديل القانون رقم (17) لسنة 2010م بشأن ضرائب الدخل وتعديلاته، بالإضافة إلى تعديل قانون الجمارك رقم (14) لسنة 1990م وتعديلاته. 

وذكرت الوكالة، أن التعديلات تهدف إلى: "حماية وتشجيع المنتج المحلي عبر استخدام السياسات المالية الضريبية والجمركية الملائمة، والحد من هجرة رؤوس الأموال المحلية، وحماية المنتج المحلي من المنافسة غير العادلة، خاصة المنتجات المدعومة من بلد المنشأ، بما يضمن استمرار الصناعة المحلية، ورفع جودتها، والتوسع داخلياً، والتصدير خارجيا". 

وتهدف أيضا إلى: "زيادة الاستثمارات وتوجيهها في المجالات ذات الأولوية الوطنية، وتحسين مؤشرات الاكتفاء الذاتي، فضلا عن تسهيل وتبسيط الإجراءات الجمركية أمام المستثمرين، إضافة إلى تحقيق أهداف غير مباشرة، منها خفض البطالة، وإيجاد فرص عمل للشباب، وتحسين مستوى دخول الأفراد، وخفض قيمة السلع الأساسية للمستهلك". بحسب الوكالة نفسها. 

فيما حذر الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية في 26 مايو/ أيار الماضي، مما وصفه بالتعسفات الحوثية على شركات القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن ممارسات الجماعة "أضحت سيفا مسلطًا عليها بهدف خرابها وإفلاسها. 

حرب اقتصادية 

وفي حين تتواصل مساعي مليشيا الحوثي لابتلاع السوق، اعتبر مراقبون التعديلات غير القانونية التي أصدرتها الجماعة، عملية تدشين لحرب اقتصادية تستهدف القطاع الخاص، وتسعى لاستبداله بنافذين موالين للجماعة نفسها. 

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي مصطفى نصر إن: "هذه الإجراءات غير القانونية، هي تدشين لحرب اقتصادية، وحرب ضد القطاع الخاص الحقيقي، في محاولة لاجتثاثه لصالح تجار بدلاء قريبين من سلطة الحوثيين". 

وأضاف نصر في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "بدأت الجماعة بالسيطرة على كثير من القطاعات الاقتصادية كالاتصالات والمشتقات النفطية وشركات الصرافة، واتجهت الآن إلى المواد الغذائية، وللأسف الشديد أيضاً اتجهت إلى منظمات القطاع الخاص التي كانت تمثل نقطة التقاء لكل القطاع الخاص في اليمن، وبالتالي هذه الخطوات خطيرة للغاية". 

ويرى أن: "إجراءات تجريف البيئة الاقتصادية كلها، وتغيير هيكلية الاقتصاد، سواءً بإلغاء السوق الحر أو حرية السوق، والدخول بآلية جديدة، تعتمد على احتكار القلة القريبة من السلطة والنفوذ، أمر في غاية الخطورة". 

وأشار إلى أن: "هناك للأسف الشديد تشريعات كثيرة تدعم هذا التوجه بدأت بها الجماعة، تتمثل بقانون الفوائد الربوية، بالإضافة إلى ما تخطط له من قوانين ضرائب الدخل وضريبة المبيعات والجمارك وغيرها". 

ويرى أن هذه القوانين والتشريعات التي استحدثتها الجماعة مؤخرًا، ستعمل على إعادة هيكلة البيئة الاقتصادية بما يتناسب مع توجهات الجماعة. حد تعبيره. 

فيما يعتقد أن هذه الإجراءات تأتي في ظل توجه الحوثيين لإعادة هيكلة الاقتصاد، تحت سيطرة الجماعة، وتهيئة الجو لقطاع خاص مقرب منها، إضافةً لإنهاء القطاع الخاص الحقيقي الموجود لصالح قوى النفوذ التابع لها. 

ويرى أن هذا التحول: "يضع اليمن أمام تحديات كبيرة فيما يتعلق بالانسجام مع التشريعات الدولية، ومع العلاقات التجارية الإقليمية والدولية". 

واختتم بالقول: "لكن مع الأسف جماعة الحوثيين لا تعير كل هذه المعطيات أي اهتمام، وتمضي في سلوك فردي يعمل على تمزيق القطاع الخاص اليمني، ويعمل على عزل اليمن اقتصاديًا عن العالم". 

وخلال سنوات سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة، يتعرض القطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لمختلف أشكال الابتزاز، بالإضافة لما يتعرض له من عمليات نهب واسعة تسببت بتوقف معظم الشركات وخروجها عن العمل، ما أدى إلى ارتفاع الاسعار وتفاقم الأزمة الاقتصادية.