عجز حكومي واضح.. إصرار حوثي على تحويل بوصلة الاستيراد إلى ميناء الحديدة

تقارير - Friday 30 June 2023 الساعة 06:04 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تواصل ميليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، عملية تضييق الخناق على القطاع الخاص في مناطق سيطرتهم، وسط إجراءات تعسفية لإجبار التجار ورجال المال والأعمال وإرضاخهم على إنهاء عمليات الاستيراد من الموانئ المحررة والاتجاه صوب ميناء الحديدة الخاضعة لسيطرتهم.

حرب ممنهجة تقودها الميليشيات الحوثية ضد القطاع الخاص، لأجل الاستحواذ على بوصلة الاستيراد من ميناء الحديدة، وتأمين إيرادات ضخمة من تحويل الخطوط التجارية للميناء الخاضع لسيطرتهم. ناهيك أن نقل الاستيراد إلى الحديدة سيكون بمثابة ضربة قوية للحكومة اليمنية التي تواجه أزمات مالية متصاعدة منذ إيقاف تصدير النفط الخام بسبب الهجمات الإرهابية الحوثية على موانئ التصدير.

وتستغل ميليشيا الحوثي الامتيازات والتنازلات الحكومية بشأن إعادة تشغيل ميناء الحديدة لرفع المعاناة عن المواطنين، كورقة رابحة في حربها الاقتصادية ضد الحكومة اليمنية. فعقب فتح ميناء الحديدة بشكل كلي مؤخرا، ارتفعت مستويات الحركة التجارية فيه إلى أكثر من 400 بالمائة عما كانت عليه قبل الهدنة وفقاً لتصريحات صادرة عن الأمم المتحدة.

مكاسب كبيرة تجنيها مليشيا الحوثي من الحرب الاقتصادية التي شنتها ضد الشعب اليمني، وسط تخاذل المجتمع الدولي في الإيفاء بالتزاماتهم لدعم الاقتصاد الوطني وعدم السماح لعصابة الحوثي استغلال ميناء الحديدة في حرب التجويع التي يدفع المواطن وحده ثمنها.

تضييق مستمر

عمليات ابتزاز متواصلة تمارسها الميليشيات الحوثي بحق التجار اليمنيين وإجبارهم على إنهاء أية تعامل مع الحكومة اليمنية والجهات التابعة لها. وخلال الفترة الماضية أقدمت الميليشيات على حجز شاحنات البضائع المحملة بالدقيق والمواد الاستهلاكية في المنافذ الجمركية التي استحدثتها على مداخل المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

تزامن مع هذه التحركات إصدار وزارة الصناعة والتجارة الحوثية قائمة سعرية إجبارية على البضائع المستوردة عبر ميناء عدن أو أي ميناء واقع تحت سيطرة الحكومة.

التضييق الحوثي المستمر لم يقتصر على تجار المواد الغذائية فقط، بل طال مستوردي الأخشاب والحديد وغيرها من المواد والبضائع التي تصل عبر خطوط ملاحية إلى مينائي عدن وحضرموت.

آخر حملات التضييق، تمثلت في استهداف تجار السيارات في مناطق سيطرتها، حيث داهمت عددا من معارض بيع السيارات المستوردة في صنعاء وشرعت بحصر عدد من السيارات القادمة عبر موانئ عدن وحضرموت والمهرة. وسط فرض جبايات كبيرة على أصحاب المعارض تحت ذرائع واهية.

وفقاً للمصادر، استهدفت الحملة الحوثية نحو 102 معارض خاصة ببيع السيارات منتشرة في صنعاء ومحافظات واقعة تحت سيطرتهم، وقامت الميليشيات بحصر 4,962 سيارة، بينها مجموعة كبيرة تم جمركتها بأرقام صادرة من المحافظات المحررة أثناء وصولها إلى الموانئ.

وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات تطالب ملاك المعارض بإعادة جمركة السيارات وتسجيلها لدى أجهزتهم، في خطة واضحة لمنع أي استيراد للسيارات عبر الموانئ المحررة، وهددت الميليشيات أصحاب المعارض بإغلاقها، واتخاذ إجراءات ضدهم في حال لم ينفذوا توجيهاتهم.

مهلة أخيرة

ووضعت الميليشيات الحوثية مهلة أخيرة مدتها شهر لجميع التجار الذين يقومون بالاستيراد إلى مناطق سيطرتهم من موانئ عدن وحضرموت ولحج والمخا والمهرة. المهلة المحددة تنتهي في 10 يوليو القادم، وسط ضغط حوثي على التجار لإنهاء أي تعاملات مع جانب الحكومة اليمنية ونقل ما تبقى من بضائعهم قبل إعادة غلق المنافذ.

وأفاد عدد من التجار أنهم تلقوا إشعارات من القيادات الحوثية في منفذي البيضاء والراهدة بعدم السماح لهم بالمرور بعد المهلة المحددة وأن عليهم الانتقال والاستيراد عبر ميناء الحديدة.

وأشاروا إلى أن الميليشيات احتجزت في منافذها الجمركية المئات من الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والدقيق وغيرها، ومنعت مرورها لمدة شهرين قبل أن تصدر قرارا بإعطاء مهلة بالسماح لهم حتى يتم نقل ما تبقى من بضائع متواجدة في عدن والمناطق المحررة.

المهلة ترافقت مع تهديدات للتجار المستوردين في مناطق سيطرتها بمصادرة أموالهم وعقاراتهم نتيجة استمرارهم في الاستيراد عبر المنافذ التي تقع في مناطق الحكومة الشرعية، وتطالبهم بالاستيراد عبر ميناء الحديدة.

وأكدت مصادر في الغرفة التجارية بصنعاء، أن ميليشيا الحوثي هددت كافة التجار المستوردين في مناطق سيطرتها، والذين يستوردون بضائعهم عبر المنافذ الواقعة في سيطرة الحكومة الشرعية، بمصادرة أموالهم وإيقاف أنشطتهم التجارية وسحب كافة التراخيص منهم. موضحة أن هذه التهديدات ستكون نافذة في حال استمرار التجار بالاستيراد عبر المنافذ الحكومية.

وأضافت المصادر إن القيادات الحوثية وضعت خيارين للتجار إما الانتقال للاستيراد عبر ميناء الحديدة، أو مصادرة أموالهم وإيداعهم في السجون.

وبينت المصادر، أن ميليشيا الحوثي اعتقلت عدداً من المستوردين وبعض العاملين معهم عقب إعلان بعض التجار وقف الاستيراد بشكل نهائي عبر أي منفذ في اليمن ردا على الانتهاكات الحوثية، موضحين أنهم بصدد إغلاق تجارتهم بشكل كامل، والانتقال للاستثمار في أي بلد جار.

حرب إيرادات

تمارس ميليشيا الحوثي الإرهابية كافة أساليب الابتزاز والتضييق على التجار في مناطق سيطرتها ضمن مخطط الاستيلاء والسيطرة على القطاع الخاص وتسخيره لمصالحهم الخاصة، دون المبالاة بما سينتجه ذلك من أضرار كبيرة على الاقتصاد الوطني في البلد.

في المقابل، برز نشاط نوعي لتجار موالين للجماعة الحوثية، الأمر الذي يؤكد مساعي الميليشيا للاستيلاء على الأسواق بالكامل، واحتكار الاستيراد لصالحهم، ضمن الأهداف الرامية للتحكم بالتجارة والاقتصاد المحلي، وبناء إمبراطورية مالية لا يمكن هزيمتها في حال فقدوا السلطة. 

يرى الكثير من الاقتصاديين أن ما تقوم به الميليشيات بحق القطاع الخاص خطر حقيقي على الاقتصاد في اليمن، وسيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة وتفشي الفقر ومزيد من الانهيار في العملة والوضع المعيشي. 

من جانبها تعاني الحكومة اليمنية أزمة مالية قد تؤدي إلى توقف صرف المرتبات في المناطق المحررة أو تأخر صرفها للأشهر القادمة في حال لم تتدارك الحكومة والمجلس الرئاسي الوضع المتدهور واتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة تصدير النفط وإنهاء عبث الميليشيات الحوثية.

كشف الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في خطابه الأخير للشعب اليمني بمناسبة عيد الاضحى المبارك، عن حجم العائدات المالية السنوية التي تجنيها الميليشيات الحوثية من خلال سيطرتها على الإيرادات، حيث أكد أن الميليشيات الحوثية تجني أكثر من أربعة مليارات دولار سنوياً.

وقال: تغلب المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني مصالحها، دون اكتراث لمعاناة الملايين من أبناء شعبنا في الداخل والخارج، وفي حين تصل العائدات السنوية للمليشيات إلى أكثر من أربعة مليارات دولار، مقارنة مع مليار و200 مليون دولار لدى الحكومة الشرعية، فإن المليشيا تواصل المزايدة بالأوضاع الإنسانية، وتبديد تلك الأموال الكبيرة في خدمة مصالح قياداتها، على حساب معاناة الموظفين في مناطق سيطرتها.

تحرك حوثي بدعم أممي

أمام هذه التحركات تقف الحكومة اليمنية عاجزة في مواجهة الانهيار والتدهور في الاقتصاد الوطني، الذي أصبح مشلولا في ظل توقف إيرادات صادرات النفط وإيضا تحويل الخطوط التجارية من الموانئ المحررة إلى ميناء الحديدة.

واكتفت الحكومة اليمنية بتوجيه مطالب إلى الأمم المتحدة والمجتمع الإقليمي والدولي بضرورة بإعادة فرض القيود على تدفق السفن إلى ميناء الحديدة والتي استغلت التهدئة والهدنة غير المعلنة في وقف المعارك العسكرية لتشن حربا اقتصادية دون أن تتقدم خطوة نحو السلام. 

رد الأمم المتحدة كان مضاداً لما تقدمت به الحكومة اليمنية، حيث شرعت الأمم المتحدة عبر منظمات تابعة لها بتنفيذ برامج عاجلة لإعادة تأهيل ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين، بعد أن مارست ضغوطاً على الحكومة وتحالف دعم الشرعية بإنهاء القيود على الميناء تحت مبرر رفع المعاناة عن الشعب اليمني ووصول المساعدات الإنسانية.

وكيل أول محافظة الحديدة، وليد القديمي أطلق تحذيرات من بقاء موانئ الحديدة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، مندداً بالتواطؤ والدعم الأممي إزاء ذلك. مضيفا: إن بقاء موانئ ‎الحديدة تحت سيطرة مليشيا الإرهاب الحوثي تطيل وضع الحرب في ‎اليمن.

وأكد: "ميناء الحديدة هو المتنفس والشريان الوحيد الذي يتغذى منه الحوثي الكهنوتي لتدمير الوطن واستعباد شعبه وللأسف بتعاون وضغط أممي تحت مبرر وصول المساعدات الإنسانية التي تنهب من قبل الحوثي وتستخدم كسلاح في تدمير الاقتصاد وتجويع اليمنيين".