عبدالملك كمرجع ديني.. مشروع إيراني ومحاولة لإذابة الاختلافات
تقارير - Saturday 08 July 2023 الساعة 08:22 amفي ظل ما تشهده ذراع إيران في اليمن من تحولات سياسية في إطار المشهد العام، تسعى الجماعة عبر خطابها الإعلامي لاستنساخ التجربة الإيرانية من خلال الترويج لتحويل زعيمها عبدالملك الحوثي إلى مرجعية دينية.
هذا التحول في خطاب الجماعة التي تتخذ من النموذج الإيراني مرجعًا لنهجها السياسي والعقائدي، ظهر مؤخرًا بشكل بارز على لسان قيادات داخل المليشيا، وروج له بصورة أكثر وضوحًا مع بدء الحديث عن مساعي دولية وإقليمية لإحلال السلام وإنهاء الحرب في اليمن.
وفي حين تواصل ذراع إيران الترويج لزعيمها كمرجع ديني وقائد سماوي منزه، يرى مراقبون أن هذا التحول يأتي امتدادا للمشروع الإيراني الذي جرى تطبيقه في لبنان والعراق، إذ تسعى طهران لبناء نفوذها الإقليمي وفقًا لمبادئ ولاية الفقيه.
مشروع إيراني
في الوقت الذي يرى فيه المراقبون أن توجه الجماعة لتصدير زعيمها كمرجع ديني، محاولة لفصل الرجل عن ما تورطت به جماعته من ممارسات ضد اليمنيين، يعتقدون أيضاً أن هذا الخطاب هو الامتداد الطبيعي للمشروع الإيراني في المنطقة.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب اليمني، والمحلل السياسي في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب إن: "أساسات جماعة الحوثي قامت وفقًا لمفهوم ولاية الفقيه، لتجسد بذلك انعكاسًا للنموذج الإيراني".
وأضاف الذهب في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "ما قدمه حزب الله أو طهران للحوثيين من دعم سياسي أو تقني أو مادي، هو بهدف خلق نموذج مشابه لحزب الله والتيارات الشيعية في المنطقة، خصوصًا العراق، بحيث تستقي قوتها وأفكارها وسياساتها من التجربة الايرانية".
وتابع: "هذا ما يفسر تقمص عبدالملك الحوثي لشخصية حسن نصر الله والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية والمراجع الشيعية مثل السيستاني وما شابه ذلك في العراق، وهذه الملامح هي ما تُبرز نهج جماعة الحوثي".
فيما يتعقد أن "الخطر في كون هذه الجماعة تسعى لإظهار عبدالملك الحوثي بهذه الصورة، ليمثل الشعب اليمني كزعيم شعبي وقائد ثورة".
وأكد بالقول: "هذا ما تسعى له الجماعة في الوقت الحالي، وقد بدأت تنفيذه مؤخرا عبر خطابات بعض قياداتها، إذ تحاول إظهار هذا التوجه بشكل أكثر وضوحًا".
فيما يتوقع الذهب أن تكون جماعة الحوثي عبر هذه الخطوة: "تتهيأ لعملية سياسية مفروضة عليها، وتدرك أنها مقبلة على تحول يجب أن يكون فيه عبدالملك الحوثي مرجعًا دينيًا وسياسيًا وثوريًا في نفس الوقت". حد قوله.
ولفت إلى أن: "تحويل عبدالملك الحوثي إلى مرجعية دينية، يأتي بهدف المفاوضة على تصرفاته ومواقفه، وأن تكون معبرة ليس فقط عن الجماعة، وإنما عن جميع اليمنيين، أو على الأقل من يوالون الجماعة خارج الإطار الجغرافي لسيطرتها".
وفي سياق مختلف، يرى الذهب أنه وعلى المستوى العام: "تتحرك جماعة الحوثي ضمن مشروع إقليمي تقوده إيران، وهو مشروع ولاية الفقيه".
وأشار إلى أن هذا المشروع: "يحاول بشكل أو بآخر تضخيم الجيوبوليتيك الشيعي في المنطقة، ولا بد أن يكون مرتبطًا ارتباطًا جذريًا بعقيدة الشعوب التي تؤمن بهذه القيادة، والإيمان بها، لا بد أن يكون على قبول شعبي، وأن يستند لمرتكزات دينية وسياسية وثورية".
وأكد بالقول: "هذا ما تحاول الجماعة إضفاءه على عبدالملك الحوثي وتنزيهه عن أي أخطاء ارتكبتها أو انكسار عسكري، أو إخفاق سياسي أو أخلاقي، أو فساد مالي، أو جرائم".
وقال: تسعى بذلك الجماعة "لتضليل الشعب بأن ما تورطت به من ممارسات وأخطاء لا يُقرها الرجل، وأنه أحيانًا لا يدري بها، ولذلك يجري التعويل عليه بأنه سيكون المرجع الذي تعود إليه القضايا المستعصية وتكون كلمته هي الفصل".
واختتم: "هذا التوجه هو سياسة تتبعها الجماعات الدينية عمومًا لتجميل القائد فيها، وجعله قائدًا نموذجيًا ومنزهًا، وعادة ما يكون ملاذًا للجماهير، وهي وسيلة خادعة، إذ يفترض أن ينطلق القائد من داخل الجماعة، وتكون جماعته معبرة عنه وعن سلوكه، ويكون القائد معبرًا عنها".
إذابة للفوارق
وفي الوقت الذي تتعارض فيه ذراع إيران مع مختلف الطوائف والمكونات اليمنية، تسعى عبر تصدير زعيمها كمرجع ديني وقائد شعبي، لإذابة الجماعات والمكونات الدينية الأخرى في ذاتها.
لم تحظَ الجماعة حتى الآن بقبول كامل من الطوائف الزيدية في مناطق سيطرتها، إذ أن المراجع الزيدية من أمثال محمد عبدالعظيم الحوثي وهو أحد أبناء عمومة زعيم المليشيا، لا يرى عبدالملك مؤهلًا لتمثيل مذهبه، على الرغم من العوامل العرقية المشتركة التي تجمعهما.
وفي هذا السياق، يقول الصحفي محمد المياس: "هناك تباين كبير بين الزيدية والحركة الحوثية، إذ أن المدخلات الإيرانية التي فرضتها الجماعة على المذهب الزيدي، ولدت نوعًا من الانشقاقات العقائدية على الأقل".
وأضاف المياس في حديثه لـ"نيوزيمن": "هذا التباين بين الزيدية والحوثية، خلق تحفظات عقائدية كبيرة لدى الجانبين، على الرغم من العوامل المشتركة بينهما، إلا أن معظم المراجع الزيدية تتعارض مع الجماعة".
وأشار في ختام حديثه إلى أن: "مساعي ذراع إيران لتصدير زعيمها كمرجع ديني، سيمكنها من إذابة هذه الفوارق بينها وبين المكونات الزيدية الأخرى على الأقل، ليصبح الرجل بذلك ممثلًا لمختلف الطوائف الدينية على الرغم من الاختلافات الكبيرة بما في ذلك الطوائف غير الزيدية".