حزب الإصلاح بين تكتلات 2011 المدنية وتكتلات 2023 العسكرية

تقارير - Tuesday 01 August 2023 الساعة 08:06 am
تعز، نيوزيمن، خاص:

بعد أشهر قليلة من الاحتجاجات الشعبية السلمية ضد رئيس الجمهورية الراحل علي عبدالله صالح في 2011، بدأت أحزاب المعارضة، حينها، وعلى رأسها التجمع اليمني للإصلاح، بتفريخ تكتلات وائتلافات داخل ساحة التغيير بصنعاء وساحات الاعتصام في محافظات أخرى، بغرض السيطرة على هذه الساحات وتوجيه نشاطها.

غلب على تلك التكتلات والائتلافات الطابع المدني، لأن غالبية المحتجين كانوا من الشباب المدني المستقل، لكن حزب الإصلاح لم يدخر جهداً في توجيه طاقات الآلاف من أولئك الشباب لخدمة أجندته المتمثلة آنذاك بالاستحواذ على أكبر حصة ممكنة من السلطة السياسية التي جرى تقاسمها بالفعل بعد توقيع المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011، بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة. 

قبل توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة، كانت التكتلات والائتلافات في ساحة التغيير بصنعاء تزيد على 500 ائتلاف شبابي بالإضافة إلى نحو 19 منسقية عليا، بعضها تابع لهذه الائتلافات وبعضها الآخر مستقل. أما مسميات تلك الائتلافات والمكوّنات الشبابيّة، فقد تنوّعت بحسب الهدف أو الجغرافيا أو حتى التخصّص المهني. وبعد توقيع المبادرة الخليجية وحصوله على حصته من الحقائب الوزارية في حكومة "الوفاق الوطني"، عمل حزب الإصلاح على إضعاف وتبديد تلك المكونات وإهدار طاقات شبابها إلى درجة إنشاء غرف احتجاز غير قانونية داخل الساحة لسجن المناوئين لسياسة الحزب وسلوك نشطائه وأعضائه. وقد استمر نشاط حزب الإصلاح -الذراع اليمنية لتنظيم الإخوان المسلمين- حتى في استقطاب مقاتلين من ساحات الاعتصام إلى صفوفه، وهو ما كانت تفعله أيضاً مليشيا الحوثي على مرأى ومسمع من نشطاء الإخوان.

الكثير من نشطاء الثورة الشبابية التي وصفها الرئيس صالح في أحد خطاباته آنذاك بأنها امتداد لثورة 26 سبتمبر 1962 وتصحيح لأي اعوجاج صاحبها، الكثير من أولئك النشطاء ما زالوا يتذكرون كيف انقلب عليهم نشطاء الإصلاح بمجرد حصولهم على امتيازات في الحكومة الجديدة. البعض من تلك التكتلات تحول إلى منظمات مجتمع مدني وبعضها الآخر تلاشى تماماً مع ظهور الوجه الحقيقي لمليشيا الحوثي التي أقدمت على الانقلاب على السلطة الشرعية واعتقال المئات من رجال الدولة. وعندما كشرت المليشيا الحوثية عن أنيابها لابتلاع اليمن بكاملها تشكلت حركات المقاومة الشعبية المسلحة لها في المحافظات الوسطى والجنوبية، وخاصة تعز ومأرب وعدن وشبوة والبيضاء. إلا أن الأذرع المسلحة لحزب الإصلاح ما لبثت أن سيطرت على حركات المقاومة الشعبية في هذه المحافظات، وخلال سنوات الحرب الماضية منذ 2015 حتى اليوم، ما زال حزب الإصلاح يفرض سيطرته السياسية والعسكرية عليها باستثناء عدن التي انتزعتها من بين مخالبه قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في العام 2019.

استحواذ وفشل حربي

تشكلت حركات المقاومة الشعبية ضد مليشيا الحوثي في المحافظات التي تقع حالياً على خطوط التماس بين مناطق سيطرة المليشيا والمناطق المحررة، وفي تعز شكل القيادي الإخواني حمود سعيد المخلافي مجلس تنسيق المقاومة الشعبية، لكنه ما لبث أن غادر المحافظة إلى خارج البلاد تاركاً إياها فريسة لذراع إيران. أوقف رجال المقاومة الحقيقيون من أبناء تعز زحف مليشيا الحوثي على المدينة وتمكنوا من تحرير مديريات المدينة وعدة مديريات ريفية أخرى. وفي محافظة الجوف وريف صنعاء الشرقي انسحب مقاتلو الإصلاح تاركين تلك المناطق لسيطرة المليشيا وتوقف تحرير ما تبقى من محافظة تعز حتى اليوم.

اليوم وبعد تسع سنوات من الحرب ضد المليشيا الحوثية الإمامية، وبعد تقليص نفوذ حزب الإصلاح الذي كان مستحوذاً على القرار داخل الحكومة الشرعية والجيش الوطني، يعود الإصلاح لتشكيل مجلس أعلى للمقاومة الشعبية ضد مليشيا الحوثي على مستوى محافظات خط التماس، وبرئاسة حمود المخلافي نفسه الذي تخلى عن رجال المقاومة الشعبية في تعز.

اختلال توازن وتوقيت يكشف الأهداف

يكشف توقيت تشكيل هذا المجلس عن أهداف حزب الإصلاح وفي مقدمتها الحفاظ على توازنه الذي اختل منذ تقليص نفوذه في المحافظات الجنوبية عبر المجلس الانتقالي، ثم عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي. وعلاوة على ذلك تخشى قيادة حزب الإصلاح من أي تقارب بينها وبين القوى الوطنية الأخرى المناوئة لمليشيا الحوثي. فبعد أيام قليلة من اللقاء الذي عقده قائد المقاومة الوطنية طارق صالح مع السلطة المحلية وممثلي الأحزاب السياسية بمحافظة تعز، من أجل توحيد الجهود لتحرير ما تبقى من المحافظة تمهيداً لتحرير صنعاء، تم الإعلان عن المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية من محافظة مأرب. 

مما لا شك فيه أن حزب الإصلاح وأذرعه المسلحة قاوم المليشيا الحوثية وقدم شهداء كثراً في هذا المسعى، لكنه بعد كل جولة مقاومة للمليشيا يعود للتنكيل برفاق السلاح من الأطراف الأخرى التي تقاتل معه جنباً إلى جنب أو تلك المستعدة لوضع يدها في يده لاستعادة الدولة من قبضة المليشيا السلالية. وهو بهذا السلوك المتخبط إنما يقوم بتدمير نفسه ذاتياً وينسف تضحيات أعضائه ومؤيديه في مسعى تحرير كل المحافظات الشمالية من سطوة المليشيا الإمامية.