الدعم السعودي لكهرباء المحرر.. بين ضرورة الإنقاذ وحاجة الحلول المستدامة

تقارير - Thursday 17 August 2023 الساعة 03:24 pm
عدن، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

مع استمرار أزمة الكهرباء بالمناطق المحررة وخاصة العاصمة عدن، كشف مصدر حكومي عن ترتيبات تجري للإعلان عن منحة وقود سعودية جديدة لمحطات توليد الكهرباء.

المصدر أكد لـ"نيوزيمن" الاثنين، بأن المنحة التي من المتوقع أن تصل يوم الجمعة القادم وستشمل مادتي الديزل والمازوت، تعد امتداداً للمنحة السابقة التي تمنح الحكومة الوقود بسعر السوق المحلية في السعودية، وسيتم دفعها من الدعم السعودي الأخير للحكومة اليمنية.

وبحسب المصدر فإن تقديم منحة الوقود جاء بناءً على طلب تقدم به مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لمواجهة تدهور خدمة الكهرباء التي تتفاقم يوماً بعد يوم بسبب شحة الوقود، جراء الأزمة المالية الحادة التي خلفتها توقف عملية تصدير النفط جراء هجمات مليشيات الحوثي.

وقدمت السعودية خلال العاميين الماضيين منحتي وقود لمحطات توليد الكهرباء بالمناطق المحررة بقيمة تجاوزت الـ600 مليون دولار، وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة التي تمثلها منح الوقود السعودية في تقديم خدمة الكهرباء بحدها الأدنى بالمناطق المحررة (8- 10 ساعات يومياً)، إلا أنها تظل حلاً مؤقتاً لا يعالج جذر المشكلة في ملف الكهرباء.

مشكلة تتلخص في ببقاء الاعتماد على توليد النسبة الأكبر من الكهرباء بمولدات تعمل بوقود الديزل الأعلى تكلفة بين باقي مصادر التوليد ويأتي بعده وقود المازوت، وهو ما يعكسه رقم المنحتين المقدمتين من السعودية خلال عام ونصف وهي الفارق فقط بين سعر وقود الديزل والمازوت بالسعر العالمي والسعر المحلي السعودي الذي تشتري به الحكومة الكميات المخصصة بالمنحة، وليست قيمة الوقود.

رقم مهول مقارنة بحجم الإنتاج الكهربائي المتواضع للمحطات العاملة بوقود الديزل والمازوت بالمناطق المحررة والذي لا يتجاوز 500 ميجاوات، وهي حقيقة تقر وتعترف بها الحكومة على لسان وزير الكهرباء في أحدث تصريح له أكد فيه أن تكلفة إنتاج الكيلووات تصل إلى 350 ريالاً، ما يعني أن فاتورة الوقود السنوية تتجاوز المليار دولار.

تكلفة باهظة تبين مدى الحاجة إلى إيجاد بدائل اقتصادية في توليد الكهرباء كالغاز الطبيعي، وهو ما سيخفض من كلفة إنتاج الكيلووات بنحو 30% مقارنة بوقود الديزل، هذا في حالة عجز الحكومة عن توفير مادة الغاز محلياً من حقول الإنتاج بالمحافظات المحررة لتوليد الكهرباء ولجوئها إلى استيرادها.

كما أن تكلفة هذا الانتقال (من وقود الديزل إلى الغاز مثلاً) لا تتجاوز كثيراً قيمة آخر منحة وقود قدمتها السعودية أواخر العام الماضي، فتكلفة إنشاء محطة غازية بقوة 500 ميجاوات لا تتعدى الـ250 مليون دولار، في حين أن قيمة المنحة الأخيرة (قيمة فوارق السعر) كانت 200 مليون دولار.

وعلى الرغم من كون مسئولية حل ملف الخدمات وعلى رأسه خدمة الكهرباء تقع على عاتق الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، إلا أن التدخل المباشر للتحالف وتحديداً السعودية في هذا الملف والعمل على حله بشكل جذري يجنبها تبعات مخاطر استمرار الفشل الحكومي في هذا الملف.

فمع حلول كل صيف من كل عام يتحول الفشل الحكومي في ملف الخدمات وتحديداً الكهرباء إلى تهديد حقيقي للاستقرار الهش الذي تعيشه المناطق المحررة، بل ويهدد بنسف الشراكة القائمة حالياً تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي كما حصل مؤخراً.

كل ذلك بطبيعة الحال يهدد بمحصلته كل المكاسب التي تحقق جراء تدخل التحالف في اليمن منذ عام 2015م، وهو ما يضع التحالف وتحديداً السعودية في وضع أشبه بالابتزاز بالاستجابة لطلبات الحكومة الشرعية لمنع انهيار خدمة الكهرباء بالاستمرار في تقديم الدعم لوقود الكهرباء والذي تحول إلى ثقب أسود يلتهم كل الموارد والدعم السعودي دون أي فائدة ملموسة للمواطن بالمناطق المحررة.