استغلال حوثي لإضراب المعلمين.. فرض جبايات وتشديد عقوبات

تقارير - Monday 21 August 2023 الساعة 08:17 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

لا تفوت ميليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، أي أزمة من الأزمات التي تعيشها المناطق الخاضعة لسيطرتها، دون استغلال أو استفادة لرفد خزينتها بأموال الشعب من خلال فرض الجبايات والإتاوات تحت مسميات عديدة.

ومن بوابة الاتصالات والكهرباء، بدأت الميليشيات الحوثية فرض جباياتها غير القانونية على خدمات الاتصالات والكهرباء تحت مسمى "دعم صندوق المعلمين". حيث أصدرت القيادات الحوثية في وزارة المالية والاتصالات أواخر شهر يوليو، قرارات بفرض ضرائب على الخدمات المقدمة للمواطنين، من أجل "صندوق دعم المعلمين"، وهذا الصندوق تم إنشاؤه من قبل المدعو يحيى الحوثي شقيق زعيم الميليشيات الحوثية والمعين في منصب وزير للتربية والتعليم في حكومة الجماعة غير المعترف بها دولياً.

فرض الجبايات

وتضمن قرار الاتصالات فرض ضريبة مقدارها ريال واحد على الهواتف المحمولة، التي يزيد عدد المشتركين فيها على 7 ملايين مشترك. في حين تم فرض ريالين يمنيين على كل كيلوواط من استهلاك الكهرباء.

وعلى الرغم من الإيرادات الضخمة التي تجنيها الميليشيات من عوائد ميناء الحديدة والضرائب والجمارك والاتصالات وغيرها من القطاعات الإيرادية، إلا أن عين القيادات الحوثية تتجه صوب ما تبقى من أموال لدى المواطنين الذين يواجهون صعوبة في الحياة.

خطوات الميليشيات الحوثية، ومحاولة استغلال أهم قطاعين في اليمن لأجل فرض الجبايات الجديدة، كانت مفضوحة ومكشوفة لدى المعلمين الذين أصروا على استمرار إضرابهم لمواجهة تلك التحركات المضادة.

وأعلن نادي المعلمين والمعلمات، الذي يقود الاحتجاجات منذ نحو شهر، رفضه القاطع لأي مساعٍ يقوم بها الحوثيون للتحايل على مطالبهم في الحصول على مرتباتهم بصورة شهرية ودون انقطاع. لافتين إلى أن صندوق دعم المعلمين الذي تحاول الميليشيات تفعيله من أموال الشعب ليس بديلاً عن رواتبهم. 

المعلم محمد العزعزي، مدرس لغة عربية في صنعاء يقول لـ"نيوزيمن": إن هناك إيرادات ضخمة يتم الإعلان عنها عبر مؤسسات إيرادية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتكفي تلك الأموال خصوصا لصرف مرتبات الموظفين المنقطعة منذ سنوات. لافتا إلى أن المعلمين يواجهون صعوبة في الحياة والعيش الكريم في ظل حرمانهم من أبسط حقوقهم وهو المرتب الشهري.

وأشار إلى أن صندوق دعم المعلم الذي تريد القيادات الحوثية تفعيله هو معني بصرف الحوافز وليس المرتبات كما تحاول الميليشيات تصوريه.

وقال: مطالبنا واضحة صرف مرتباتنا بشكل منتظم نهاية كل شهر، أسوة بكبار المسؤولين الحوثيين وعناصرهم في الكثير من المرافق الحكومية الذين يتسلمون المرتبات دون انقطاع.

تصعيد الانتهاكات

ورغم تصاعد الغليان في ظل عدم صرف الرواتب، إلا أن الميليشيات الحوثية تواصل التنصل من مسؤوليتها رغم الإيرادات الضخمة، متوعدة بالعقاب والإجراءات الرادعة على ما يسمونه مثيري الفتن الداخلية على حد وصفهم.

ومنذ مطلع الشهر الجاري، صعدت الميليشيات الحوثية من حملات الملاحقة والاعتقالات والتهديدات بحق المعلمين والمعلمات المتمسكين بموقفهم في الإضراب الشامل لصرف مرتباتهم المنهوبة منذ سنوات. وتعرضت قيادات نادي المعلمين اليمنيين إلى محاولات متكررة للاستهداف والاختطاف من قبل عناصر مسلحة وملثمة تابعة للميليشيات الحوثية بهدف إثناء النادي عن الاستمرار في الإضراب.

وكان رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين اليمنيين، أبو زيد الكميم ، تعرض لمحاولة اعتقال من قبل مليشيا الحوثي، في  صنعاء. في حين اختطفت الميليشيات الأمين العام للنادي، محسن الدار، إلى جانب استدعاء الكثير أعضاء النادي للتحقيق التعسفي، على خلفية مطالبتهم برواتبهم.

مؤخرا، أقدم قيادي تابع للجماعة الحوثية على اختطاف ثلاثة معلمين والاعتداء على آخرين في مديرية عتمة بمحافظة ذمار، ضمن الحملات التعسفية التي تستهدف التربويين المشاركين في الإضراب.

بحسب المصادر، داهمت الميليشيات الحوثية بقيادة القيادي أحمد الجرموزي الذي يكنى بـ أبو يحيى، وينتحل منصب نائب مدير أمن مديرية عتمة غرب ذمار، عددا من منازل المعلمين في المديرية وقامت باعتقال ثلاثة معلمين بصورة تعسفية ونقلهم إلى سجن أمن المديرية.

وأضافت المصادر، إن الجرموزي أقدم أيضاً بالاعتداء مع عناصره على سبعة معلمين آخرين في ذات المديرية، مستخدماً أعقاب البنادق خلال عملية الاعتداء، وقد تم نقل البعض منهم إلى أحد المستشفيات القريبة.

عوائد ضخمة 

وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية المطالب بصرف الرواتب، وتحميل الجماعة المسؤولية عن عرقلة الحلول، إلى جانب اتهامها بجني ثلاثة أضعاف ما تجنيه الحكومة الشرعية من الموارد، وتخصيص كل ذلك للإنفاق الحربي، والصرف على قادة الميليشيات والمنتمين إلى السلالة الحوثية.

وأكدت الحكومة اليمنية، أن جماعة الحوثي نهبت ترليون و600 مليار ريال، من عوائد ميناء الحديدة منذ بداية الهدنة الأممية في أبريل من العام الماضي.

وأكدت على لسان وزير إعلامها معمر الإرياني، أن جماعة الحوثي تواصل تضليل الرأي العام اليمني والمجتمع الدولي، بالتلاعب بحقيقة الأرقام والمبالغ المهولة التي تقوم بنهبها من إيرادات المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة فقط.

وأضاف الإرياني إن الإيرادات التي تجنيها جماعة الحوثي من المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة تكفي لتمويل مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين، بانتظام، في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها.

ولفت الارياني إلى أن هذه المبالغ تقتصر فقط على العوائد المباشرة التي حصلتها جماعة الحوثي خلال عام ونصف من عمر الهدنة من المشتقات النفطية الواردة عبر ميناء الحديدة، خلافا للمليارات التي تجنيها من الرسوم الضريبية والجمركية المفروضة على السلع الغذائية والاستهلاكية، وشحنات الغاز المجاني القادم من إيران عبر الميناء.

وتابع الإرياني بالقول: "لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد حاولت ميليشيا الحوثي وقف صرف مرتبات موظفي الدولة في المناطق الأخرى، وشنت هجمات إرهابية على السفن والناقلات النفطية في موانئ محافظتي حضرموت وشبوة، بهدف وقف تصدير النفط، ومنعت بيع الغاز المحلي القادم من محافظة مأرب للمناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، وضاعفت أسعار الرسوم الضريبية والجمركية، ومنعت حركة البضائع والناقلات في المنافذ بين المناطق الحكومية ومناطق سيطرتها، بهدف إجبار التجار على وقف الاستيراد من ميناء عدن".

وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بمغادرة مربع الصمت المخزي، والاضطلاع بواجباتهم في الضغط على جماعة الحوثي لوقف سياسة التجويع والافقار الممنهج بحق المواطنين، والضغط على الجماعة لتخصيص إيرادات كافة السفن الواردة عبر ميناء الحديدة لدفع مرتبات موظفي الدولة والمتقاعدين في مناطق سيطرتها.