تحليل: من أين ترشَح آمال السلام الخادعة؟

تقارير - Monday 20 November 2023 الساعة 08:57 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

يبدو أن حالة اللا حرب واللا سلم التي أعقبت اتفاق هدنة أبريل 2022، أصبحت قدراً ملازماً لليمن خلال هذه المرحلة من عمر الصراع بين مليشيا الحوثي من جهة والحكومة الشرعية والأطراف الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي من جهة أخرى.

مؤخراً انتعشت آمال السلام على إثر التقارير الإعلامية التي تبشّر باتفاق وشيك بين طرفي الصراع الرئيسيين برعاية الأمم المتحدة وبناءً على خارطة طريق قدمتها المملكة العربية السعودية. أفادت التقارير بأن خارطة الطريق السعودية تتضمن "إعلان مبادئ" حول الملفين الاقتصادي والإنساني تتكفل فيه المملكة بدفع رواتب ستة أشهر للموظفين الحكوميين في كل من المناطق المحررة ومناطق سيطرة مليشيا الحوثي، على أن تبدأ بعد ذلك مفاوضات سياسية حول الترتيب لفترة انتقالية تتفق فيها الأطراف اليمنية على صيغة تسوية سياسية.

خارطة القديم المتكرر

بحسب تفاصيل البنود التي تضمنتها التقارير الإعلامية باعتبارها تسريبات، لا يوجد جديد مختلف عمّا رشح إلى وسائل الإعلام أثناء مفاوضات المملكة العربية السعودية مع مليشيا الحوثي منذ أبريل الماضي، وهي البنود المتعلقة بدفع المرتبات وتوسيع وجهات الرحلات من مطار صنعاء ورفع المزيد من القيود عن ميناء الحديدة، وأضيف إليها ملف نفط خزان صافر الذي لم يتم الاتفاق على مصير عائداته بعد نقله إلى سفينة جديدة وفرتها الأمم المتحدة.

وبينما أفادت التقارير بأن "خارطة الطريق" السعودية سلمها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى مجلس القيادة الرئاسي، قالت مصادر مطّلعة لـ"نيوزيمن"، إن مشروع خارطة الطريق هذا سلمته المملكة قبل شهرين لكل من مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين والأمم المتحدة، من أجل النقاش.

وقالت المصادر، إن بنود مشروع الاتفاق هذا هي نتاج تفاوض السعودية مع الحوثيين في أبريل الماضي، وخلال موسم الحج الماضي حين ذهب مجموعة من قيادات مليشيا الحوثي لأداء فريضة الحج والاستمرار في جولة أخرى من المفاوضات، أعقبتها جولة أخرى عندما سافر وفد تفاوضي من مليشيا الحوثي إلى الرياض في أغسطس الماضي، لكن مشروع الاتفاق ما زال بعيد المنال. حسب المصادر.

لا ضغوط على المجلس الرئاسي

وفي حين يتكرر الحديث عبر وسائل الإعلام عن ضغوط تمارسها المملكة العربية السعودية على مجلس القيادة الرئاسي للقبول ببنود مشروع الاتفاق (خارطة الطريق)، نفت المصادر أن يكون هناك أي ضغوط على المجلس، وأنه ليس مطالباً حتى باتخاذ قرار حالياً بشأن هذه المبادرة.

تنص المبادرة السعودية على تجديد الهدنة لمدة ستة أشهر تدفع خلالها المملكة رواتب الموظفين في كلا الطرفين، ويتم خلالها أيضاً فتح الطرقات وتوسيع رحلات مطار صنعاء... وما إلى ذلك من الحديث المتكرر في وسائل الإعلام طيلة الشهور الماضية، وفي حال توصلت الأطراف بعد النقاشات برعاية الأمم المتحدة إلى اتفاق حول صيغة للمرحلة الانتقالية المنشودة، حينها يمكن الحديث عن توقيع اتفاق بذلك. لكن، بحسب المصادر التي تحدثت لـ"نيوزيمن"، فإن اليمن لا يزال عالقاً في حالة اللا حرب واللا سلم. كما أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة زادت من تعقيد الموقف.

مصدر التلاعب بآمال السلام 

بحسب المصادر المطلعة، فإن تحريك ملف التسوية السياسية إعلامياً تتحكم فيه "شركات صرافة" تستغل أي تحركات سياسية في هذا الملف لتروج لاتفاق سلام وشيك، بهدف انخفاض سعر صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني، وعندما تجمع ما يكفيها من العملة الصعبة، تعود لرفع سعر الصرف وتحقيق فوائد مالية على حساب الاقتصاد الوطني وعلى حساب آمال اليمنيين بقرب انفراج الأزمات المعيشية المدمرة.

وفق المعطيات الراهنة للوضع في اليمن على كافة المستويات، يبدو البلد عالقاً بالفعل في حالة مستعصية من اللا حرب واللا سلم، خاصة مع انفجار أكثر من حرب على المستوى الإقليمي والدولي، وانشغال الدول الكبرى بهذه الحروب وبالعلاقات السياسية والاقتصادية المتوترة بين أقطاب الصراع الدولي. وما لم تحدث معجزة تقرّب السلام البعيد في اليمن، فإن الطريق إليه لا يزال طويلاً.