التقارب الإصلاحي الحوثي... البدايات والنهايات

السياسية - Saturday 12 May 2018 الساعة 08:47 pm
سمير الصنعاني، نيوزيمن، تقرير خاص:

تطلق القيادية الإصلاحية توكل كرمان –الحائزة على جائزة نوبل للسلام- تغريدة في صفحتها على تويتر أو فيس بوك عما تسميه عدوانا سعوديا إماراتيا واحتلالا لسقطرى، فتسارع قيادة الحركة الحوثية إلى تأييد موقفها والإشادة به، وهو ما لا يمكن تفسيره خاصة في حالة الحرب التي تشهدها اليمن منذ ثلاث سنوات وتموضع كل من حركة الإخوان وحركة الحوثي في المشهد السياسي.

هي المصالح الدائمة، كما تقول القاعدة السياسية المشهورة، قد يفسر البعض ذلك حتى في ظل تباين الخلفيات العقائدية والأيدلوجية والفكرية بين الحركتين، لكن آخرين يفسرون ذلك بعلاقة الطرفين بدولة قطر وتموضعها في إطار الأزمة الخليجية وهو ما قد يكون مبررا لمواقف الإشادة والإشادة المتبادلة بين قيادات الإصلاح والحوثي.

لكن الأمر يتطلب قراءته من زوايا كثيرة ووفقا لمعطيات متعددة تذهب إلى استقراء بعض ملامح الماضي وطبيعة علاقة الطرفين حتى يمكن وضع تنبوءات للمستقبل الذي يمكن أن يصنعه التقارب أو التباعد الحوثي الاخواني في المشهد اليمني.

حركة الإخوان... من الاستثناء إلى الغباء

حتى العام 2006م ظلت حركة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) بمثابة الاستثناء الذي يؤكد القاعدة التي كانت تعيشها حركات الإخوان المسلمين في بقية الدول العربية، فإخوان اليمن (حزب الإصلاح) سمح لهم بممارسة كافة حقوقهم السياسية وليس ذلك فحسب بل شاركوا في السلطة والحكم وكانوا الحليف الأقوى للرئيس الأسبق للشطر الشمالي من اليمن قبل عام 90م علي عبدالله صالح وطوروا تحالفهم معه إلى تحالف سياسي مع حزبه المؤتمر الشعبي العام عقب إعادة تحقيق الوحدة وإعلان أنفسهم حزبا سياسيا في إطار التعددية، وساعدهم ذلك في المشاركة في الحكم عقب انتخابات 93م ضمن الائتلاف الثلاثي مع المؤتمر والاشتراكي قبل أن يشاركوا مع المؤتمر في حكومة استمرت حتى انتخابات 97م البرلمانية التي أفضت إلى تفرد صالح وحزبه بالحكم، وهو الأمر الذي حاول الإخوان تداركه والعودة من بوابة الانتخابات الرئاسية الأولى التي جرت عام 99م حيث سارع حزب الإصلاح إلى إعلان صالح مرشحا له للانتخابات الرئاسية حتى قبل أن يكون المؤتمر وهو حزب صالح قد أعلن ذلك.

ومع أن الخلافات بدأت تظهر بين الطرفين بقوة قبيل وبعد الانتخابات الرئاسية عام 2006م التي فاز فيها صالح على مرشح المشترك الاخواني الانتماء فيصل بن شملان إلا أن موقف الطرفين ظل متقاربا حيال كثير من القضايا الوطنية ومنها قضية تمرد الحوثيين على سلطات الدولة والذي بدا عام 2004م، فقد ظل موقف الإصلاح رغم تزعمه أحزاب المعارضة التي عرفت باسم اللقاء المشترك يساند موقف الدولة في مواجهة حركة التمرد الحوثي عسكريا طيلة الحروب الستة .

وللتأكيد على موقف الإصلاح، فخلال لقاء جمع رئيس الجمهورية، آنذاك، علي عبدالله صالح بقيادات الأحزاب واطلاعهم على مضمون الاتفاق الذي رعته دولة قطر بين الحكومة وحركة التمرد الحوثي بداية العام 2008م وصف القيادي الإصلاحي محمد اليدومي (رئيس الهيئة العليا للإصلاح حاليا) الاتفاق بأنه (خيانة وطنية) كما ينقل مصدر اطلع على نص محضر الاجتماع الذي عقد يومها بدار الرئاسة.

وخلال الحرب السادسة التي كانت تخوضها قوات الجيش ضد حركة التمرد الحوثي في صعدة كان احد القيادات المنتمية لحركة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح) يتحدث مع وفد يعد دراسة لصالح وزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب في اليمن أن حركة التمرد الحوثية تمثل خطرا على مستقبل اليمن والمنطقة أقوى من خطر تنظيم القاعدة الإرهابي وجاهد أن يقنع ذلك الوفد بحجة وقوة مبرراته التي يسوقها.

تلك النماذج وغيرها من المواقف الإصلاحية المتشددة ضد حركة الحوثي تبخرت بين عشية وضحاها مع بداية أزمة 2011م وشاهدنا كيف أن قيادات الإصلاح شاركت قيادات تنتمي لحركة الحوثي ذات الموقف السياسي المطالب بإسقاط النظام من منصات التظاهرات في ساحة الجامعة بصنعاء وغيرها من الساحات الأخرى في بعض المحافظات في إطار ما عرف بالربيع العربي.

ويرى الكثير من المحللين أن حزب الإصلاح غالى في حقده وخصومته ضد الرئيس الأسبق صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام في العام 2011م واعتقد انه بقيادته لأحزاب المعارضة في المشترك وتزعمه لحركة المظاهرات وسيطرته إلى حد كبير على ساحاتها سيكون البديل الجاهز والأنسب لنظام صالح وحزبه في الحكم على غرار ما شهدته مصر وتونس، دون أن يضع حسابا لأي قوى سياسية أخرى في الساحة خاصة حركة التمرد الحوثية والحراك الجنوبي الداعي إلى الانفصال.

ثقة الإصلاح في كونه البديل الجاهز لصالح لتولي الحكم عسكريا وماليا وإداريا جعلته يسعى إلى استمالة الآخرين دون النظر إلى نتائج مواقفه فقد سارعت قيادات إصلاحية إلى إعلان الاعتذار للحوثيين وإطلاق تصريحات تتهم صالح بأنه كان السبب في الحروب التي شنت ضدهم بل والحديث عن تعرضهم للظلم، وأنهم حركة ثوار مثلهم مثل بقية المطالبين بإسقاط النظام، حتى إن القيادي الاخواني حميد الأحمر وصف سقوط محافظة صعدة بيد مليشيا الحوثي أثناء أزمة 2011م بأنه أول انتصار لما سماها الثورة، وهو ذات الموقف الذي سارع الإصلاح لإعلانه حيال الحراك الجنوبي والذي حاول أن يحمل صالح ونظامه كل الأخطاء التي أدت إلى بروز مطالبات الانفصال بل وحاول الإصلاح تبرئة ساحته حتى من المشاركة في الحرب ضد الانفصال عام 94م.

ولم يقف المشهد عند ذلك، فعقب انتهاء الأزمة السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وفي خضم شعور الإصلاح بالغرور وثقته الزائدة بان لا أحد يمكنه منافسته في السيطرة على السلطة عمد ومن خلال نفوذه على الرئيس المتوافق عليه عبدربه منصور هادي وسيطرته وقيادته لحكومة الوفاق الوطني إلى إعلان موقف حكومي رسمي يعتذر لحركة التمرد الحوثية عن الحروب الستة التي خاضتها الدولة ضد تمرده، ناهيك عن المساندة في حصول حركة التمرد الحوثي على تمثيل منفرد ضمن مؤتمر الحوار الوطني.

وفيما كان الإصلاح يواصل سياسته في السيطرة على مؤسسات الدولة ومحاولة أخونتها ويرفع من وتيرة خطابه المعادي والحاقد على الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام وابتداع تهم من قبيل مزاعم الأموال المنهوبة (وأكذوبة 60 مليار دولار)، وبيع ميناء عدن ، والتنازل عن الأراضي اليمنية للسعودية ، ومزاعم صفقة الغاز مع شركة توتال ، وصولا إلى حملات مغالطة الرأي العام المحلي والخارجي بأكذوبة الحرس والأمن العائلي والبدء في تفكيكه وإنشاء جيش مليشياوي يدين بالولاء لحركة الإخوان ، كانت حركة الحوثي تستغل ذلك المشهد المليء بالصراع لتقوية نفوذها وبسط سيطرتها وتمدد مليشياتها على الأرض.

حركة الحوثي... من التمرد إلى التمدد

ليس مبالغة القول، إن حركة التمرد الحوثية ورغم أنها استطاعت تحقيق بعض المكاسب والنجاحات خلال الحروب الستة التي خاضتها الدولة ضد تمردها إلا أن تلك النجاحات ظلت عاجزة عن ان تتخطى جغرافيا حدود محافظة صعدة إن لم يكن بعض مديرياتها ، ولم يكن بمقدور الحركة ان ترفع صرختها الداعية للموت (الموت لأمريكا... الموت لإسرائيل) خارج إطار مديرية مران وبعض مناطق صعدة ، إلى أن جاءت أزمة العام 2011م حيث وجدت الحركة نفسها تنقل تواجدها وفكرها وشعارها وثقافتها وأيديولوجيتها وأسلوب عملها من مران إلى ساحة الجامعة في قلب العاصمة صنعاء فجأة.

ومثلما كان نهم حزب الإصلاح للاستحواذ على السلطة يجري على قدم وساق أثناء حكومة الوفاق الوطني وانشغال القوى السياسية بمؤتمر الحوار ، كان نهم حركة الحوثي يتسع في إثبات حضورها ونشر فكرها وتوسيع وبسط مناطق سيطرة وتواجد مليشياتها المسلحة.

وفيما كان حزب الإصلاح وبقية أحزاب المشترك تدير صراعا سياسيا عبثيا ضد كل ما له علاقة بالدولة ومؤسساتها والدستور والأنظمة والقوانين وفي المقدمة مؤسسة القوات المسلحة والأمن ، انطلاقا من ثقافة الحقد والفجور في الخصومة ضد صالح وحزبه ، كانت حركة التمرد الحوثي تواصل استغلال المشهد لتثبيت حضورها والإعلان عن مشروعها ، فسياسيا استطاعت أن تنتزع من حكومة الوفاق اعتذارا رسميا عن حروب الدولة ضد تمردها وتصف تلك الحروب بالعبثية، وإعلاميا وفكريا بدأت الحركة تنشر ثقافتها وفكرها الديني عبر ملازم مؤسسها الصريع حسين الحوثي ، وإنشاء مؤسسات إعلامية وثقافية تروج فكرها وثقافتها بحرية تامة ، لكن الأخطر من كل ذلك كان استغلالها المشهد للتمدد عسكريا ببسط مليشياتها المسلحة سيطرتها على المناطق واحدة تلو الأخرى ، حيث نجحت في إسقاط محافظة صعدة وبدأت تتمدد نحو محافظات عمران والجوف وحجة وخاضت مليشياتها مواجهات مسلحة ضد عناصر وقيادات الإصلاح بالدرجة الرئيسية .

وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقول المثل هو موقف القوى السياسية ورئاسة الدولة ممثلة بهادي أمام معركة حركة الحوثي ضد السلفيين المتواجدين في منطقة دماج بصعدة، حيث أسهم تواطؤ هادي وحكومة الإنقاذ والقوى السياسية وفي مقدمتها الإصلاح في أن تنجح الحركة الحوثية في تهجير سلفيي دماج في نهاية الأمر بعد أن خاضت ضدهم معركة عسكرية استمرت عدة أشهر ، وكان مشهد تهجير سلفيي دماج هو المقدمة لمشروع الحركة الحوثية الذي ظهر بأنه لا يكتفي باستخدام القوة والقتل ضد خصومه وبسط نفوذه بل انه يتجاوز ذلك إلى التطهير ورفض القبول بأي فكر أو تواجد لأي جماعة أو قوى أو تيارات تتباين مع مذهبه وفكره ومشروعه السياسي والمليشياوي خاصة وانه جاء بعد أن كانت الحركة مارست عملية تهجير مماثلة بحق يهود صعدة وريدة.

الأحداث التي اعقبت نجاح الحوثي في تهجيير سلفيي دماج كانت مجرد استكمال لتفاصيل نجاح التمرد الحوثي في التحول إلى حركة مسلحة مليشاوية تبسط نفوذها عسكريا وسياسيا وإعلاميا وفكريا وتتمدد وسط تخاذل وتواطؤ رئاسة الدولة وسلطاتها واستغلالا لعملية التفكيك المتزامنة التي كانت تمارس بحق الجيش والأمن ، ناهيك عن استثمار مواقف القوى السياسية وفي مقدمتها حزب الإصلاح الذي ظل يتجاهل توسع نفوذ الحركة الحوثية ويصب جهده في اتجاه تصفية حساباته السياسية ضد صالح والمؤتمر وهو الموقف الذي أسهم إلى حد كبير في ان يجد الإصلاح نفسه فجأة الهدف التالي لحركة الحوثيين من خلال المعارك التي استهدفت قياداته السياسية والقبلية كبيت الأحمر، والتنظيمية كبعض القيادات في محافظات صعدة وعمران والجوف وحجة ، والعسكرية المحسوبة عليه كالقشيبي من خلال قتله وإسقاط محافظة عمران ، وصولا الى محاصرة واجتياح العاصمة صنعاء والسيطرة عليها والسعي لقتل علي محسن الأحمر الذي لم يكن لينجو من حركة الحوثي لولا تمكنه من الفرار من صنعاء بوساطة وترتيب سعودي.

واستكملت الحركة الحوثية مشروعها بالسيطرة بالقوة على العاصمة صنعاء ووضع الرئيس والحكومة قيد الإقامة الجبرية وصولا الى انقلابها على سلطات الدولة عبر ما سمته إعلانها الدستوري وانتهاء بتمدد الحركة وبسط نفوذ مليشياتها على معظم المحافظات وصولا إلى عدن وأبين وشبوة والبدء في تنفيذ مشروع سيطرتها على السلطة بالقوة ووفقا لمفاهيم وأفكار دينية وعقدية ومذهبية كالحق الإلهي.

انتفاضة ديسمبر وأزمة قطر... وتصاعد الغزل الإصلاحي الحوثي

مع كل توسع في النفوذ لمليشيات الحوثي كانت قيادات الاصلاح هي المستهدفة بالدرجة الرئيسية ، وحتى وبعد إعلان التحالف بقيادة السعودية شن الحرب على اليمن بحجة دعم وإعادة الشرعية وتأييد الإصلاح لها بل ومشاركته فيها ضد حركة الحوثي واتهامهم بالمجوس والروافض والعمالة لإيران، إلا أن الإصلاح ظل ينتهج ذات الخطاب الذي مارسه منذ أزمة العام 2011م بترديد مزاعم الاتهامات لصالح والمؤتمر بالتواطوء مع الحوثي ومساعدته في بسط نفوذه ، وأكاذيب قوات صالح والحرس العائلي...الخ تلك المزاعم التي خدمت الحوثي خارجيا بإقناع العالم بان المشكلة في صالح وليس في الحوثي ، ونجحت في الضغط على صالح والمؤتمر الشعبي العام لانتهاج موقف صامت ضد الحوثي بداية ، ثم موقف مشارك ومتحالف معه عقب انطلاق الحرب بقيادة التحالف في مارس 2015م.

وفي ديسمبر من العام 2017م أقدمت مليشيات الحوثي على مهاجمة الزعيم صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام في منزله واغتياله ومعه الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا ورفاقهم واعتقلت الآلاف من قيادات المؤتمر وكوادره وصادرت مقراته وممتلكاته وأمواله ووسائل إعلامه وهو ما كشف أكاذيب الخطاب الإصلاحي الذي ظل يستغفل العالم بان صالح هو الداعم الأول للحركة الحوثية وانه لا يزال يسيطر على الجيش والأمن وهو ما تبين كذبه وأكد أن ذلك الخطاب لم يكن سوى مجرد تصفية حسابات سياسية خدمت كثيرا حركة الحوثي.
وعقب نتائج أحداث ديسمبر عمد الإصلاح إلى انتهاج خطاب مشابه لخطاب حركة الحوثي في التشفي ضد صالح وحزبه وفي الوقت نفسه السعي لتشويه وطمس تاريخ صالح ومنجزاته كرئيس حكم البلاد ثلاثة عقود ونيف وهو ما اتضح من خلال تزامن إنتاج برامج وثائقية لقناتي المسيرة والجزيرة حول صالح.

ومع أن حالة التقارب والغزل بين الإصلاح والحوثيين بدأ واضحا في خطاب الطرفين منذ بداية أزمة دول الخليج ومصر مع قطر العام الماضي إلا انه تصاعد بشكل كبير عقب اغتيال الحوثيين لصالح والزوكا والانفراد بالسيطرة على السلطة في العاصمة صنعاء.

ويرى المراقبون أن حالة التقارب الإصلاحي الحوثي تهدف بشكل آني التأثير على سير المعركة ودخول لاعبين جدد إليها وحالة التقارب التي تمت بين طارق صالح وقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي وانعكاسها ميدانيا في مواجهة الحوثي من جهة ومن جهة أخرى السعي لاستمرار الحرب لأطول فترة ممكنة بالنظر الى استفادة الطرفين منها ماليا في تكوين ثروات وشبكات تجارية واستثمارية خاصة بهما، وعلى المدى البعيد السعي إلى حفاظ كل طرف على ما حققه من انجازات على صعيد ملشنة الجيش سواء الذي تقوده الشرعية أو ما تبقى من الجيش تحت قيادة الحوثي، وفي الوقت نفسه الحصول على مزيد من المكاسب فالإصلاح يواصل أخونة الوظائف في مختلف مرافق الدولة والتي تدار من قبل حكومة الشرعية، فيما تواصل حركة الحوثي حوثنة مؤسسات الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها ، ناهيك عن أن الطرفين يسعيان لتفكيك حزب المؤتمر بعد اغتيال صالح واستمالة قواعده كل إلى صفه ، وفي ذات الوقت منع أي بروز أو تواجد لأي قوى أخرى في المشهد حتى لا يؤدي ذلك إلى التأثير على قدرة الطرفين في رسم معالم المستقبل السياسي في أي تسوية ، خصوصا وان الإصلاح والحوثي يتفقان تماما على رفض الاحتكام للانتخابات عقب انتهاء الحرب بفترة قصيرة ، ويتفقان أيضا في ضرورة أن تقوم التسوية على عملية تقاسم ومحاصصة تضمن لهما الحفاظ على ما حققاه خلال الفترة الماضية.

وفيما يتعلق بالمشهد الخارجي يؤكد المراقبون أن تقارب الإصلاح والحوثي واتخاذ موقف مشابه تجاه الإمارات تحديدا يهدف بدرجة رئيسة لخدمة أجندة قطر في إدارة أزمتها مع دول الخليج خاصة وانه جاء نتاجا لتقارب إيراني قطري تركي في مواجهة مشروع التحالف العربي.

ومهما كانت المآلات التي ستنتهي إليها حالة التحالف والتقارب الحوثي الإصلاحي في مواجهة القوى الأخرى أو مواجهة التحالف العربي فان المتغيرات الراهنة ميدانيا وشعبيا وسياسيا تؤكد استحالة أن يؤدي ذلك التقارب إلى التأثير على تواجد القوى الأخرى وفاعليتها سواء في المعركة ضد الحوثي أو في رسم مستقبل المشهد السياسي اليمني ، خاصة وان ما يجمع حركتي الإخوان والحوثي هو فكرهما القائم على إقصاء الآخر وعدم القبول به.