بعد هزيمة حزب أردوغان.. 3 سيناريوهات تنتظر قيادات "الإخوان" بتركيا

السياسية - Thursday 04 April 2019 الساعة 08:59 am
عدن، نيوزيمن:

لم تكن الضربة القوية التي وجهتها أحزاب المعارضة التركية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية الأخيرة، موجهة فقط للحزب ورئيسه رجب أوردغان، بل تناثرت شظاياها لتصيب القيادات والعناصر الإخوانية الفارة من بلدان عربية إلى تركيا في مقتل.

وتوقع محللون سياسيون وخبراء ثلاثة سيناريوهات تنتظر هؤلاء الإخوان بعد فوز مرشحي المعارضة في المدن الكبرى، وخصوصاً إسطنبول وأنقرة وهما من أهم المدن التي يتركز فيها تواجد الاخوان العرب.

وشملت السيناريوهات الثلاث التي توقعها الخبراء: 
الأول، انتقالهم من الإقامة في تلك المدن التي لن تكون حاضنة وملاذا آمنا لهم إلى مدن أخرى ما زالت تقبع تحت حكم حزب العدالة والتنمية. 
والثاني، هو أن تطلب المعارضة التركية من خلال تواجدها في البرلمان وفي البلديات تعديل السياسات التي مارسها أردوغان باحتضان هؤلاء وتطالب بتفعيل قوانين مكافحة الإرهاب وتسليم المطلوبين منهم لبلادهم وترحيل البقية.
أما السيناريو الثالث والأخير، فهو انتقالهم لدول أخرى غير تركيا.

ويقول الباحث المصري في الشأن التركي محمد عبد القادر "إن السيناريوهات الثلاث ستكون مطروحة وبقوة على الطاولة، فالإخوان المقيمون في إسطنبول سيواجهون صعوبات جمة خلال تواجدهم في المدينة التي كانت تحتضنهم، وأصبحت الآن تخضع لسلطة إدارية جديدة بقيادة مرشح المعارضة وهذه السلطة الجديدة بالطبع لا تقبل بالإخوان ولا بوجودهم ولا بسياسات أردوغان الرامية لاحتضانهم وتوفير كل التسهيلات والملاذات الآمنة والمنصات الإعلامية لهم".

ويضيف "إن الإخوان حصلوا على فرص استثمارية ضخمة، وتسهيلات وحوافز وامتيازات، ومنح تعليمية وجامعية في المدينة التي تعتبر من أكبر المدن تصويتا في انتخابات تركيا، حيث يقيم فيها ما لا يقل عن 20% من السكان، وبالتالي فخسارة حزب أردوغان لهذه المدينة ضربة كبيرة، وهو ما ستسعى المعارضة إلى استغلاله وبذل قصارى جهدها للفوز بثقة سكانها باعتبارهم أكبر كتلة تصويتية، وسيتطلب ذلك، توفير فرص عمل، وخدمات، وتسهيلات وحوافز لسكان المدينة، ونزعها من الإخوان وعناصرهم المقيمين فيها".

وتوقع عبدالقادر أن تلعب أحزاب المعارضة بهذه الورقة لكسب ثقة الناخبين الأتراك، الذين لا يقبلون بوجود الإخوان وعناصر الجماعات الإرهابية بينهم، ويرفضون ما يعرف بالتعريب الذي حل بالمدينة من خلال فصائل المعارضة بالبلدان العربية التي يحتضنها أردوغان، وبالتالي قد تزداد الضغوط على الرئيس التركي وحزبه لتسليم الإخوان والمعارضين لبلادهم الأصلية، ومن بينها مصر أو القبول بإخراجهم من تركيا إلى بلدان أخرى، مشيراً إلى أن الحل الذي قد يكون مؤقتا لحين إشعار آخر هو نقلهم إلى مدن تركية أخرى مازالت خاضعة لحكم العدالة والتنمية.

ولفت الباحث المتخصص يشئون تركيا إلى أن فوز المعارضة قد يحقق خسائر أخرى لأردوغان وحزبه ومعهم الإخوان، فالمعارضة التركية الرافضة لسياساته الخارجية قد تطالب بفتح قنوات اتصال مع الدول العربية التي يعاديها أردوغان وعلى رأسها مصر ودول الخليج عدا قطر، وقد تطلب تغيير النهج المعادي لها، وهو ما سيزيد من الضغوط على الرئيس التركي قد تدفع به في نهاية المطاف لتغيير سياساته المناوئة للدول العربية، والتخلص من الإخوان، وإلا سيفاجأ بتزايد شعبية أحزاب المعارضة وتكرار فوزها في أي انتخابات قادمة وخروجه وحزبه من دائرة الحكم.

درس الخسارة

من جانبه يؤكد الباحث في الشأن التركي محمد حامد أن الأحزاب التركية لقنت الحزب الحاكم درسا قاسيا في انتخابات المحليات، مستغلة تزايد الغضب الشعبي تجاه سياسات أردوغان وحالة الفشل الاقتصادي التي تعاني منه تركيا بسبب تلك السياسات، وهو ما أدى لانخفاض قيمة الليرة، وتزايد معدل التضخم والبطالة، مؤكدا أن هذا الإخفاق دفع الشعب التركي للخروج والتصويت بكثافة لطلب التغيير.

ويتابع "إن نتائج هذه الانتخابات ستدفع الرئيس التركي وبكل تأكيد لمراجعة خططه وسياساته تجاه ملفات عديدة، داخليا وخارجيا، خشية أن يواجه بمفاجآت صادمة في انتخابات 2023، أو أن يجد نفسه أمام حراك شعبي مثلما حدث في جيزي بارك عام 2013".

وكانت الاحتجاجات الجماهيرية التي قادتها فروع "الاخوان المسلمين" في اكثر من بلد عربي منذ 2011 تحت مسمى “الربيع العربي” شكلت نقطة تحول في الخطابات الأيديولوجية والسياسية لنخب الحكم في أنقرة باتجاه توثيق العرى مع جماعة “الإخوان المسلمين” التي وصلت إلى صدارة المشهد في مصر وتونس أو ضمن مكوناته في ليبيا واليمن وسوريا وسعت تركيا لاستغلالها لتوسيع نفوذها في المنطقة وعلقت عليها آمالا بترجمة طموحها لإعادة السيطرة على الوطن العربي عبر احياء ما تسمى الخلافة العثمانية الجديدة.

لكن التداعيات التي نتجت عن تلك الاحتجاجات وتحول بعضها الى حروب طاحنة دفع القيادات الاخوانية للفرار ولم تجد ملاذا آمنا لإقامتها واستثماراتها غير تركيا.

وجاءت تلك التطورات بعد الإطاحة بجماعة الإخوان في مصر والنهضة في تونس، فضلاً عن التمدد الكبير لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا “داعش” المدعوم من تركيا، وإعلانه قيام دولة الخلافة الإسلامية، الامر الذي مثل علامة فارقة في مسار حركة الإسلام السياسي في تركيا، ناهيك عن أن الخصوصية التي ربطت تركيا بـ“داعش” ما ساهم في تشويه الصورة الذهنية لتركيا باعتبارها الحاضن والداعم الرئيسي لهذا التنظيم الارهابي.

وقد انعكس ذلك سلبا في التأثير على علاقات تركيا مع عدد من الدول العربية ودول العالم اجمع وصولا إلى تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس رجب اردوغان داخليا، وهو ما جسدته نتائج الانتخابات المحلية التي جرت الأحد الماضي.