حسابات المظاهرات بين الإصلاح والناصري.. مؤتمريو تعز وموعد مع العودة

السياسية - Friday 12 April 2019 الساعة 10:24 pm
المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

ستكون أول فعالية جماهيرية تدشن أو تعلن عودة المؤتمر إلى واجهة العمل السياسي والجماهيري بعد سنوات من البيات الاضطراري.

تعز المدينة والمحافظة هي نفسها تجتهد وبمن فيها لاستعادة الفاعلية والحيوية بوقود التعددية والممارسة التي مثلت، على الدوام، الخاصية التعزية شديدة الحساسية تجاه محاولات التأطير والاستحواذ ومصادرة التمثيل أو ممارسة الوصاية.

لكن العودة المؤتمرية من بوابة تظاهرة السبت 13 أبريل 2019، لن تكون مجساً نهائياً، لا تجاه الشعبية التي ليست محل خلاف، ولا التوجه والتموضع في ظل ميوعة المشهد الآخذ في إعادة الفرز والتشكل بناءً على معطيات وحقائق جديدة تختلف كلياً عما مضى.

ما بعد أحداث المدينة القديمة في تعز وطفرة العنف الذي مورس هناك ليس كما قبلها، وهذا ما تأكد أكثر في مظاهرة الناصريين، وقد نجحوا إلى حد كبير في صناعة لحظة فارقة احتشدت خلالها اعتبارات وعوامل كثيرة أفهمت بأن تعز أكبر من أن تُصادَر، وأكثر من أن تؤمَّم حزبياً وأيديولوجياً، كمعقل تاريخي للتنوع والنضال والثورة واليسار والحركة الوطنية وتيارات التحديث.

جاءت مظاهرة الناصريين عقب مظاهرة استعراضية للإصلاحيين، ويتظاهر المؤتمريون على خلفية تظاهرتين بحسابات مختلفة.

لماذا تظاهر الإصلاح؟

تظاهر الإصلاحيون في تعز، رافعين صور قادة الإمارات والسعودية والشرعية، كنوع من رد الفعل على معطيات سلبية ذاتية وموضوعية تجمعت خلال أسبوعين تقريباً، من الحشد الشعبي إلى دعوات التقارب والتصالح مع الحوثيين وحتى خطيئة الهجوم على المدينة القديمة.

أرادوا مناسبة مشابهة يحتشدون إليها؛ لاستعادة بعض التماسك، وتمالك الأنفاس والمعنويات، والتحرر من وطأة وورطة العنف المنفلت باتجاه المدينة القديمة وأبي العباس، بعد أيام قلائل على تسرب ونشر فعاليات وأخبار تشكيلات مليشيا الحشد الشعبي باستثمار حزبي لمقدرات ومعسكرات وإمكانات الجيش تزامناً مع حملة دعائية لاستعادة المحور القطري أدواته الإخوانية والحوثية في بوتقة تكتل وتحالف فاحت روائح الدعوات إليه علانية.

الناصريون.. 7 كثيرون!

وتظاهر (السبعة الكثيرون جداً) الناصريون، بذكاء، رافعين صور الرئيس هادي وراية الجمهورية، ولافتات كبيرة بمطالب واضحة تجاه الدولة والجيش والأمن والشراكة والحياة السياسية ونبذ العنف والاحتواء والسيطرة. وكانت الأعداد الغفيرة التي غصّت بها شوارع تعز وباتجاهات مختلفة رسالة واضحة وقوية خصماً من حسابات وتقييمات أراد الإصلاحيون تكريسها في احتشادهم قبل أيام. تعز أكبر من أن تصادر.

الصوت الناصري القوي يمثل المعادل القومي الوطني إلى جانب الاشتراكيين في توليفة تعز العزيزة والعنيدة.

وبالجملة، فقد الإصلاحيون جزءاً من حاصل التماسك والمعنويات التي وفرتها مظاهرة الإصلاح، مع الفارق الكبير في الإمكانات والمقدرات، الذاتية والبسيطة لدى الناصريين والكبيرة والرسمية لدى الإصلاح الذي يحتكم على قيادة المحافظة والجيش والأمن ومقدراتها.

أظهرت تظاهرة الناصريين والزخم الذي رافقها إعلامياً وفي مواقع التواصل؛ أن الإصلاح ليس القوة الوحيدة وليس القوة الكبيرة أو الأكبر في تعز. وأن الواقع الذي أُصْمِت كثيراً يموج بأصوات صاخبة من كل نوع وقوى لديها القابلية والجاهزية للذهاب إلى تكتلات وتحالفات جديدة انزياحاً عن التحالفات التقليدية التي منحت الإصلاحيين أريحية طوال سنوات.

مؤتمريو تعز: رهان وأكثر من امتحان

وسوف يتظاهر المؤتمريون عقب تظاهرتين بهذه الخلفيات والحسابات، وزائداً خلفيات واعتبارات خاصة تتعلق بالمؤتمر تراكمت على مدى سنوات، وأثرت بشكل أو بآخر على واحدية وجماعية وفاعلية وحضور التنظيم (مركزياً ومحلياً)؛ الذي خرجت وهيّجت وحرّضت وثوّرت ضد حكومته ونظامه مكونات حزبية انطلاقاً من تعز، ثم ظروف ما بعد الانقلاب الحوثي ووصولاً إلى ما بعد أحداث ديسمبر 2017 وحتى اليوم.

واحدية وجماعية القيادة التنظيمية في تعز شرط ناقص بالضرورة نظراً للاعتبارات سالفة الإشارة. هناك مؤتمر بلا مؤتمريين، وهناك مؤتمريون بلا مؤتمر. ويلزم العمل خلال هذين الصفين والجمعين للخروج بتظاهرة أقل ما ينتظر منها أن تقدم نبذة عن جماهيرية وشعبية الشعبي العام في تعز على وجه الخصوص والأهمية. لأنها تعز.

يتوخى الإصلاح عقب تظاهرة الناصريين الانفراد بجناح مؤتمري وإلحاقه بجماهيرية ورصيد تحالف ضمني -بالتبعية- مع حزب كل شيء وكل السلطات.

وتعمل وتعتمل غالبية مؤتمرية، أقل إمكانات وعدة وأكثر إمكانية وعدداً وفاعلية، على احتشاد مؤتمري ينتمي إلى المؤتمر ويمثل مؤتمريي تعز بحقهم وحجمهم.

الأكيد هو أن الجهد المركزي غائب تماماً. وتوزع أو تنازع التمثيل المؤتمري بين صنعاء والقاهرة والرياض وأبو ظبي، يعني ببساطة أن مؤتمر ومؤتمريي تعز يعملون لوحدهم، ويجب أن ينجزوا مسئولياتهم وحيدين وبقوة ولاءً وانتماءً لتنظيم التموضع وسطاً.

على موعد مع تعز المؤتمرية ومؤتمريي تعز، فإن التوقعات التي لا تجمح ولا تبالغ ينبغي أن لا تقلل أو تهوّن من شأن الكتلة الجماهيرية الأكبر والدافعية الذاتية المتشبعة باليقين الآن إزاء الوجود والمصير. وفوق هذا وذاك ثمة ما لا يقال وليس وقته أن يقال الآن.