منصور السروري

منصور السروري

تابعنى على

سألني: (الدين أم الوطن؟) فأجبته..!!

Tuesday 11 December 2018 الساعة 10:29 am

سألني شاب ملتزم دينياً:
- من يحتاج للأخر... هل الوطن يحتاج للدين أم الدين يحتاج للوطن...؟
فأجبته:
توجد أوطان أو دول بلا دين ولكن لايوجد دين بلا وطن.
إذن الأديان هي من تحتاج إلى الأوطان وليس العكس.
اليابان، الكوريتين، وقائمة طويلة من الدول تعرف بأنها دول غير دينية ومع ذلك تنعم بقدر كبير من الاستقرار والتقدم الحضاري.
وتوجد أوطان متدينة... أميركا دول أوروبا أوطان فيها دين، معظم مواطنيها متدينون.
المشكلة ليست من الذي يحتاج للآخر الدين أو الوطن، وهل الدين ضروري لاستقرار الوطن أو الدولة.
المشكلة هي في بنية الوعي وقدرته على التوازن في تقديم أيهما على الآخر.
مشكلتنا نحن العرب تكمن هنا في الصراع النفسي والقلق الحضاري الذي يفتقد لذلك التوازن.
*
مشكلة التيارات الإسلامية السياسية، أكانت سنية أم شيعية، تكمن في أنها تكرس للهويات الدينية على حساب الهوية الوطنية وكأن اﻷوطان لا يمكن أن تعيش دون الدين.
إذا ما ذهبنا نبحث عن السر في أن معظم البلدان والمجتمعات التي تجاوزت مآسي حروبها التاريخية وتعيش اليوم في مصاف دول العالم تقدما مذهلا في شتى جوانب ومجالات الحياة سنجده يكمن في أنها تقدم الهوية الوطنية على الهويات الدينية.
ذلك السر هو ما فطن إليه مفكر عربي إسلامي كبير هو الدكتور راشد الغنوشي، ما جعله، قبل عامين، يطالب وفد حزبه بالانسحاب من اجتماع واسع لﻹخوان المسلمين انعقد بتركيا، ووجه إليهم رسالة طويلة أقتطف فقط منها أبرز الذي يؤكد ما طرحته أعلاه:
"لا أسباب صحية ولا غيرها حالت دون حضوري، ولكنني أرى يوماً بعد يوم أن لحظة الافتراق بيني وبينكم قد اقتربت، أنا مسلم تونسي، تونس هي وطني، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية فلن أسمح لأي كان أن يجردني من تونسيتي"... إلى أن قال: "يجب أن نقر بالوطنية ونتعامل معها لأنه لا يمكن لنا أن نبني أمة إسلامية دون أن يكون هناك وطنية إسلامية وهذه نقطة الخلاف الأساسية بيننا".
*
والتيارات الإسلامية أو غيرها من الأحزاب على اختلاف ايديولوجياتها متى ظلت تغلب هوية فكرتها على الأوطان ستظل تلك الأوطان تعاني من تكرير دورات الصراعات والحروب دونما توقف.
*
الهند ذات المليار والثلاثمائة مليون نسمة يعتقدون بأكثر من 300 ديانة ومذهب، حال كانوا يقدمون المعتقدات على الوطن لكانت الهند مقسمة على عدد معتقداتهم الدينية.
لهذا يوم تكون الهوية الوطنية مقدمة على كل الهويات الدينية والمذهبية هنالك فقط ستعرف أوطاننا طريقها للتعايش فالاستقرار فالتقدم في مختلف مجالات الحياة.

* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)