خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

مخاوف مشروعة

Saturday 16 April 2022 الساعة 08:17 pm

هناك مخاوف من واقع تجارب الماضي، من أن تعاد صياغة تحالفات الحرب مرة أٌخرى، ضد خصمهم العتيد الجنوب، أياً كان من يحمل لواء تمثيله، وأن يتم العصف بكل الآمال المعلقة على أفق مضبب، فتحه إعادة تشكيل الرئاسة من قوى تمسك بزمام البندقية، وتمثل ثقلاً مسلحاً في خارطة الصراع. 

بكل تأكيد أن اليوم ليس كالأمس بشأن الجنوب، بالأمس كانت المشاعر جياشة تجاه الوحدة، ما سمح للخصوم بذبح حملة مشروع الوحدة الحقيقيين تحت شعار وبسكاكين الوحدة، ومعاداة الانفصال الذي لم يكن حاضراً إلا في الدقائق الأخيرة، ودبابات الغزو تطرق بوابات عدن. 

نقطة الافتراق بين أمس الوحدة الدامية الزائفة وراهن اليوم، أن لا أحد يريد إعادة إنتاج دولة الماضي المركزية المستبدة، حيث الجنوب صار لديه خياراته المتعارضة مع مثل هكذا (دولة)،  وبلا نقطة تقاطع جامعة مع ذهنية الأصل والفرع، ونحن المركز وأنتم الهامش، نحن الجيش والثروة والقرار، وأنتم رعايا الدرجة العاشرة.

قطعاً مساحة واسعة من الشمال حتى نكون أكثر إنصافًا وموضوعية، تتجرع مرارة هذه الذهنية وتقع تحت طاحونة التمييز المناطقي وسلب المواطنة، بل وحتى فرض الوضع الدوني لتراتبية الكرامة والآدمية، ما يعني إن حشد هذه الفئات المقصية، وتوحيد أهداف المواجهة والبحث عن توصيف العدو المشترك، يساعد على إعادة بناء ثقافة المواطنة ودولة العدل والمساواة، مع احترام الخصوصيات الجهوية وحق تقرير المصير. 

خطاب ممثل الجنوب في المجلس الرئاسي، يمضي في هذا الاتجاه، وتبقى المخاطر كامنة بصدق نوايا الطرف الرئاسي الآخر، وإلى أي مدى قد قطعوا بلا رجعة مع ثقافة الحرب، وإرث التآمر ومخطط إعادة فيد نصف الخارطة ثروات وبشرا، وإقصاء بسطاء النصف الآخر باستثناء الصفوة القبلية المذهبية الحاكمة. 

مواطن الجنوب الذي تم نزع مواطنته والتطويح به إلى أدنى سلم الهرم الاجتماعي، من حقه أن يبحث عن مكاشفة، حول الضمانات والتعهدات السياسية، التي تم إعطاؤها أثناء الحوارات المغلقة، بشأن وضع الجنوب في ما بعد الخلاص من الانقلاب، وكيف يمكن أثناء الصراع إدارة مسارح العمليات العسكرية، ووضع قوات الجنوب، هل تبقى كما هو حالها كمكون عسكري مستقل، أم تخضع للتذويب وإعادة الهيكلة، في بحر من قوات متحزبة فاسدة الولاء والفاعلية؟

استطاع حلفاء حرب 94 تدمير بنية جيش دولة محترف، كامل التأهيل الأكاديمي، بالإجهاز على جاهزيته وحشر نواته الصلبة في محيط قبلي جغرافي معادٍ، ومن نجح في فعل ذلك في جيش دولة، لن يجد ما يحول دون السير نحو الغواية، وإعادة تكرار ذلك مرة أُخرى، وإن كان في ظرف مختلف، فيه الطرف الجنوبي هو الأضعف بمقاييس العدد والعتاد والتكوين البنيوي المحترف، وإن امتلك إرادة القتال وجاذبية، بل وحتى مشروعية الهدف. 

نعم الجنوب مع وحدة البندقية، ولكن الجنوب أيضاً مع الإجابة عن أسئلة ماذا بعد كسر الإنقلاب؟، وضمانات عدم ارتداد القوة جنوباً، أما بالشراكة مع الحوثي ضمن ترتيبات إقليمية، أو ببحث الطرف الشرعي المهزوم عن جزءٍ من وطن بديل.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك