بعمق الشتات، لم أكن أتخيل يوماً أنني سأعود تعز ولا أخشى على نفسي أي شيء، بل وأن ألتقي بكل من لمتنا الخصومات بجلسات تعني أن كل شيء راح، وانتهى، كنا أغبياء فقط..!
لم أكن أتخيل يوماً أن طاولة واحدة وفي عمق عدن ستجمع بين عيدورس والعرادة وطارق والمحرمي وعبدالله العليمي ومجلي والبحسني برئاسة العليمي في الداخل، وسط العاصمة، يا للإنجاز!
لم أتخيل أن بإمكان المقدشي في يوم ما أن يمارس مهام عمله في عدن، ها هو الآن هناك.
لم أفكر ولو للحظة أن صورة العميد طارق سترتفع في تعز، بكل رحابة، وها هي ارتفعت.
أثناء مشاورات الرياض كتبت أن العودة والعمل من الداخل سيحدد نجاح المشاورات، وها هو مجلس القيادة يعود، وكتبت أن على كل الذين حضروا المشاورات أن يعودوا إلى عدن، ولا أقصد القادة والحكومة فقط، بل أن يعود الجميع من وكلاء إلى إعلاميين وها هم أغلبهم عادوا، وسوف يعودون جميعهم إلى عدن، أمنا المجيدة، وستكون عدن هي مركز الفعل الوطني، عدن الشهباء، عدن العظيمة.
الإنجاز لا يخطر ببال أحد، توافق الجميع، وتعاضدهم بل وعودة الجميع، لدينا الآن في عدن مجلس قيادة.. رئيس ونواب.. نستطيع أن ندفأ بهم وأن نستند عليهم وسوف يعملون من الأرض عسكريا وخدميا وبكل الأصعدة.
البرلمان يعود.. ها هو البركاني في عدن، لقد انتهت رحلة الشتات، عاد اليمني ليدير معركته من العمق الوطني، تلاشت سنوات التيه في المجهول، فنحن الآن واحد، نحن الآن أقوى، نحن الآن أعز وأمجد وأشمخ وسوف ترون..
تصلني أخبار يومية من صنعاء، عن خلل الجماعة، وعن الخوف والمخافة والخشية، فما حدث في الرياض شكل لهم صدمة غير متوقعة، صدمة عنيفة، خربطت كل ألاعيبهم، وكل أحلامهم في التسيد، فما ساد الكهنوت بقوته بل بضعفنا، ساد بتفرقنا، ساد بتخاذلنا.
طغيانك يا "عبدالملك"، شكراً لك لأنك لم توفر طريقة لجمعنا، فمن جمعنا سواك؟ من إلا أنت.
أنت فقط، أثخنت بالناس، وبقوت الناس، وبالسفك والاعتقال، وبأخذ كل شيء، بقتل كل شيء، بمنع كل شيء، بالاستهوان بكل شيء، ولم توفر طريقة للتنكيل بالناس وللنيل من الشعب ومستقبل الوطن، وصرت الحاكم والطاغية والسيد والنبي والقرآن المنزل، بل أنت فقط وسلالتك من يحق لهم العيش.
لم تترك للناس رواتبهم ولا تركت لهم أي مصدر رزق، منعت العملة، أثخنت بدين الناس وعقائدهم، ولم تترك المثقف، ولا أنت تركت القبيلة، أحرقت الصغار بجبهاتك وبأفكارك.
كل فعل من أفعالك الدنيئة أحرق المسافة، وقلصها، بين كل هؤلاء، فوحدت الجميع على فوهة واحدة، من الساحل إلى مأرب ومن تعز إلى حضرموت، بل ومن عدن إلى صنعاء، فكل الذين في صنعاء ينتظرون ساعة حق الحق.
شكراً لك يا "لعين"، لولاك لما وجد اليمنيون بعضهم، ولما صاروا ذاتاً متناغماً في سبيل معركة الخلاص الأخير، زد من طغيانك وبارك.
وتبقى عدن الرديف الوحيد لصنعاء، فمن عدن تبدأ الطريق إلى صنعاء، من عدن يستعاد الشمال، في عدن تتعالى الفكرة الوطنية.
ويحق لي أن أحتفل بعدن مرتين، باحتضانها أولى تشكيلات المقاومة الوطنية وبما تفعله الآن وهي تلم الجميع لأجل نصر ومصير واحد، فكل نصر يبدأ من عدن، أمنا عدن.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك