نزلت من سيارة صديق كنا نتكلم على قارعة الطريق في أطراف المخا، وأشرت لموتور، ابتسم لي سواق الموتور واعتذر وواصل طريقه.
شاب لا يزال في مقتبل العمر، أخذت موتوراً آخر، وصادف نفس الشاب يدخل مرفقاً تعليمياً فترة مسائية.
وفتحت لي هذه الصدفة عالماً لم أنتبه له من قبل، مجتمع المخا الجديد.
المجتمع الذي يختلط فيه أبناؤنا القادمون من وراء الجبال مع هذا المجتمع الساكن أمام البحر، مجتمع الأطفال والشباب.. مجتمع الغد.
نحن الكبار لم نستطع الاندماج مع أنفسنا الجديدة.. الواحد منا يعاني مع نفسه كل ظروف الحياة، الصراع الذي نعيشه واقعاً كمواطنين سقطت دولتهم وداهمهم شر الحوثي، يعاركك في دينك وهويتك ووعيك والصراعات المتعددة على كل المستويات.
أبناؤنا الصغار الذين يشيبون عند الفجر، نقلتهم الظروف العسيرة لجرائم الحوثي من مناطقهم التي تربوا وتكيفوا معها إلى مناطق تفتقر إلى كل أسباب الحياة.. حتى الطقس والبيئة.
وعلى الرغم من أن معاناة من سافر رفقة أهله أو بدونهم للمدن العربية أو من بقي في عدن أو في صنعاء حتى، ليست قليلة، فالحروب والحوثي عبء على كل نفس في هذه البلاد.
إلا أن أهلنا هنا في الساحل الغربي حالة لا يمكن مقارنتها بأي مكان ولا حتى مأرب أو الضالع.
لم أكتب هذا البوست للشكوى، وإلا لسردت أسباب ذلك، لكني أكتبه افتخاراً بذلك الشاب الذي لفت نظري بأدبه وأخلاقه ودأبه وجهاده العلمي، نموذج لمجتمع يتخلق ناجياً من الحوثي وأمراضه التي فجرتها حروبه فينا.