حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

العرب و"العولمة"

Thursday 22 December 2022 الساعة 05:20 pm

عندما بدأ النقاش العربي حول "العولمة" في بداية التسعينيات كانت الصورة المتخيلة كما يلي:

* ستصب العولمة في اتجاه واحد من الشمال الغني إلى الجنوب الفقير. 

* ستختفي الثقافات والأزياء والأكلات الوطنية لصالح الجينز والبرجر وهوليود.

* ستفقد البلدان المتخلفة هويتها لصالح الهوية الغربية المتمحورة حول الاستهلاك والفردانية والنجاح الشخصي.

* ستدمر العولمة اقتصاديات العالم الثالث وسيفقد الملايين وظائفهم تحت ضربات الخصخصة.

لكن العولمة بعد ثلاثة عقود على نقاشاتها العربية تبدو مختلفة جدا.

* فأنت تجد الفلافل والحمص والشاورما والكاري والأكل الآسيوي في عمق المدن الغربية وضواحيها، أكثر مما تجد البرجر والكنتاكي في مدن العالم الثالث.

* والتدفق العولمي البشري يبدو معاكسا للتوقعات من الجنوب للشمال مما أحدث تغيرا جوهريا في هوية المجتمعات "البيضاء".

 لم تفقد المجتمعات الفقيرة هويتها التقليدية لصالح الهويات الغربية، بل نقلتها إلى داخل المجتمعات الغربية نفسها مغلفة بنزعة ماضوية وتقاليدية أكثر تشددا.

* وانتقلت وظائف العامل الأمريكي والأوروبي إلى الهند والصين وفيتنام وسنغافورة بسبب رخص الأيدي العاملة وكفاءة الخدمة.

 * لم يتأمرك العالم الثالث، بل تأسلم العالم الغربي وتعرّب وتأسون (آسيا).

 لم يتبيض العالم، بل تعددت ألوان الغرب الأبيض وصارت المجتمعات الغربية الأكثر تعرضا لاختراق العولمة، بينما رفعت المجتمعات العالمثالثية أسوار الخصوصية والعرق والمذهب والقبيلة.

وبعد أن كان التبشير العولمي يأتي من الغرب صارت دعوات رفض العولمة وإغلاق الحدود بضاعة السياسة الغربية المفضلة.

لم تنتشر الصراعات والانهيارات في دول العالم الثالث بسبب العولمة، بل بسبب النزعات المحلية المعادية للأنسنة وللعولمة.

لم تنعكس هذه التغيرات على التناولات العربية للعولمة التي تجمدت عند أفق كتاب "فخ العولمة" وتحذيرات الأمركة والتغريب والماكدونالدزية (mcdonaldization) والغزو الثقافي.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك