حسب صحيفة “إندبندنت” عربية، تغيير معين عبدالملك ومعه سبع حقائب وزارية منها الداخلية والنفط والمالية والإعلام والتعليم العالي.
صحيح أن عبدالملك بات يشكل عبئاً على داعميه المحليين والإقليميين، وأن تغييره بمثابة تنفيس محبس الاستياء الشعبي، من حكومة عنوانها عدم الإنجاز والفساد، إلا أن مثل هكذا تغيير مع إبقاء السياسات كما هي لن يحدث فرقاً في الأداء، ستتغير الوجوه وستبقى ذات الإخفاقات وذات الفشل.
معين رمز للفساد والإطاحة به بعد طول صبر ومعاناة في حال تحقق ذلك، هو بحد ذاته إنجاز، ولكنه يظل ناقصاً ما لم تمثل هذه الإطاحة رسالة بالغة الدلالة، للوبيات فاسدة تتغلغل في مفاصل الحكومة، تنهب المال العام، تشرعن للفساد ويصبح من شروط شغل الوظيفة المرور بتزكية من لوردات الفساد.
مثل هكذا رسالة يجب أن تكون إقالة مرفقة بفتح ملفات نهب المال العام، والمحاسبة والإحالة إلى النيابات المتخصصة والأجهزة الرقابية، ومطابقة مستوى دخل معين ووزرائه بين فترتي ما قبل وما بعد شغل الوظيفة العامة.
إبعاد رئيس الحكومة من غير المحاسبة، هي مكافأة وتضييق آفاق التوقعات من إمكانية الدخول إلى عهد جديد، حيث سيرحل فاسد أُتخم، وسيأتي آخر يمضي على ذات الدرب، وذات الطريق، طريق تجريف الثروات ونهب كل شيء.
معين فاسد والحكومة كلها عنوان للفشل وتوطين الفقر وانهيار العملة والهزيمة، ولا معنى لتغيير يخدش قليلا قشرة التركيبة الحكومية الخارجية، ولا يذهب بمشرط استئصال السياسات عميقاً، وصولاً إلى جذر العطب في كيفية الاختيار وإدارة دولاب الحكم، برسم السياسات والتعيينات بعيداً عن الكفاءة والتخصص، بتغليب الولاء والعلاقات المناطقية والحزبية المتخلفة الضيقة وتبادل المنافع على حساب جثمان الوطن المشلح.
نحن بحاجة إلى حكومة تخصص لا تقوم على المحاصصة، بل على المهنية، وإلى برامج شفافة، وقبل كل شيء إلى حكومة قابلة للمحاسبة وإقصاء الفاسدين.
عهد معين عبدالملك هو بكل المقاييس الأسوأ من حيث مساحة انتشار الفساد وتوسيع المعاناة، وإعادة إنتاج مفاهيم تشرعن الربط بين الاقتصاد والعمولات والسمسرة وبيع الأصول والتلاعب بالمال العام، وتجريف الثروات، وميلاد طبقة وعوالق طفيلية مترفة، راكمت ثرواتها من خارج عملية الإنتاج، ومع ذلك بحاجة إلى فعل متزامن مع قرار الإطاحة:
تعيينات مع تقديم براءة ذمة مالية، وإقالة مع عدم الإفلات من العقاب.
من دون ذلك فإن رحيل معين مع إبقاء البيئة الفاسدة في كامل حضورها الهيمني الطاغي، سيشكل متنفساً لبعض الوقت للمطحونين، ولكنها ستبقى حقنة مسكنة للناس، والفاسدين بين ذاهب وآتٍ مجرد استراحة فاسد.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك