معايير العَوَام -في الرضا والسخط- حسيِّة لا ذهنية، جزئية لا كلية.
يُرضيهم ما يجعل حياتهم أسهل وأرقى وأقل كُلفة وأكثر أمناً، ويُسخطهم ما يسد عليهم منافذ وسُبل الحياة الكريمة الرخيّة، ويكلفهم العناء، ويجور عليهم بالأثقال.
لا يهتم الرجل العادي ما إن كان الحكم جمهوريا أو ملكيا، ديمقراطيا أو استبداديا، دينيا أو علمانيا، لأنه لا يرى الأمور إلا من منظور تأثيرها المحسوس على حياته وحياة أمثاله من الناس.
فإن كان تأثيرها حسناً، فهي جديرة بالاستحسان، وإن كان مزعجاً ومكدِّراً، فهي جديرة بالذم والسخط.
أما المثقف والمفكر ورجل السياسة، فهو ينظر إلى الحوادث والأوضاع ويعلِّلها بالمفاهيم والمبادئ والأفكار.
يَجمع الأجزاء في كلِّ موحِّد.
يصنع من الوقائع المادية التفصيلية مقولة منطقية تفسيرية.
يُخبر الناس مثلاً أن فساد وقسوة أوضاعهم ناتجان عن فساد وقسوة مبدأ الحُكم.
ثم يعطي المبدأ الفاسد اسماً، ويدعوهم إلى الالتفاف حول مبدأ أصلح وأرشد وأعدل منه.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك