د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

شعب "غزة".. بين مطرقة إسرائيل وسندان حماس.!

Thursday 30 November 2023 الساعة 06:55 pm

كانت الباحثة الفلسطينية الأمريكية "أماني جمال". وهي أستاذة بجامعة برنستون المرموقة.. قد انتهت للتو -مع فريقها في مؤسسة "البارومتر العربي*"- من إجراء استطلاع رأي عام حول "رأي الفلسطينيين الحقيقي في حماس". شمل 790 شخصا في الضفة الغربية و399 شخصا في قطاع غزة. 

في اليوم التالي اندلعت الحرب. إثر العملية التي شنتها حماس من غزة ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي. النتائج التي يمكن استخلاصها من هذا الاستطلاع، تؤكد. ككل التقارير المهنية الأخرى. أن الحرب الانتقامية الإسرائيلة المروعة ضد أهل غزة.. بمثابة سحق كائنات بريئة مسحوقة من الأساس.!

يكفي مبدئيا أن نعرف أن:

- ٪67 من أهل غزة لا يثقون بحماس، ويحملونها مع إسرائيل مسئولية الحصار المفروض عليهم من عام 2006م حتى اليوم.!

وبالتالي: فإن استهداف إسرائيل لأهل غزة انتقام من حماس. انتقام من أبرياء لا علاقة لهم بحماس، ولا يتعاطفون معها حتى.! 

كون إسرائيل تعرف. بالتأكيد. هذه النقطة جيدا. يجعل ما تقوم به جريمة إبادة عامة. أكثر توحشا وعبثية.!

من ناحيته. لم يكن الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة.. بخير. أصلا. قبل هذه الحرب، سواء على الجوانب الاقتصادية المعيشية، أو الجوانب المتعلقة بالحياة السياسية، والحريات الشخصية والعامة.. في ظل نظام حماس.

 كان انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية، في 15/6/2007، واستقلالها بغزة. حدثا مفصليا في تاريخ القضية الفلسطينية، وبالشكل الذي وصفه "المجلس الوطني"، بـ"مؤامرة" كبرى بقيادة منظومة الاحتلال على المشروع الوطني الفلسطيني.!

ما حدث كان بالفعل كارثيا. كضربة قاصمة أضعفت القضية وصدّعت الكيان الفلسطيني.. لكن "نظرية المؤامرة". كعادتها في كل مرة. لن تفلح في حل هذه الإشكالية، بقدر ما تحاول عبثا الهروب من الواقع، والتنصل من المسئولية، بإلقائها على آخرين.. وتجاهل حقيقة أن حماس صناعة عربية إسلامية. كفرع محلي للتنظيم الدولي لجماعة "الإخوان المسلمين".!

وكما يفترض بجماعة دينية سياسية مسلحة انفصالية.. فقد فرضت حماس منذ اليوم الأول لانقلابها. نظاما فاشيا في غزة. حتى أنها ألقت بعض خصومها من منظمة "فتح" من سطوح البنايات، وسحلت بعضهم في الشوارع، واضطر بعضهم خوفا من بطشها للفرار إلى إسرائيل.!

من يومها لم تقم في غزة انتخابات من أي نوع، وحسب هذا الاستطلاع فإن:

- ٪60 من أهل غزة. قالوا إنهم لا يملكون التعبير عن آرائهم بحرية وصراحة.

- ٪70 قالوا إنهم لا يملكون التظاهر سلميا. خشية التعرض لأعمال انتقامية.

- أغلب سكان غزة ينددون بتسلط حماس.

الجوانب الاقتصادية بدورها أكثر ترديا، وحسب الاستطلاع فإن:

- ثلثي أهل غزة لم يكن لديهم ما يكفي لإطعام عائلاتهم في الشهر السابق للاستطلاع. و"يعانون من سلطة حماس الفاسدة".

يعني هذا عفويا أن "سكان غزة، كانوا قبل هذه الحرب المدمرة معدمين اقتصاديا حد الكفاف، فضلا عن كونهم كانوا مقموعين ومضطهدين سياسيا، وساخطين على حماس، وللإنصاف، فهم ساخطون بالمثل على سلطة فتح في رام الله، وقد كشف الاستطلاع أن:

- شعبية الرئيس عباس أبو مازن. هي الأخرى متدنية للغاية، ولا تتجاوز 9٪ من مجموع الآراء.!

 في المحصلة: الشعب الفلسطيني. خاصة في القطاع. يعيش حالة سياسية واقتصادية متردية للغاية، وناقم على النظامين الفلسطينيين: لحماس وفتح، من جهة، ويواجه. من جهة أخرى. الحرب والحصار والدمار والتهجير.. الذي تفرضها عليه إسرائيل، بشكل غير مسبوق من حيث الكم والكيف الكارثي والمأساوي.!

..

* الباروميتر العربي: شبكة بحثية محايدة أسستها: أماني جمال وزميلها مايكل روبينز. عام 2006، وتنظمها شراكة بين جامعة برينستون، وجامعة ميشيغان، وشركاء من العالم العربي، وتجري استطلاعات في 16 دولة عربية كل عامين، وتعتبر أكبر مستودع للبيانات المتاحة للعامة حول آراء الرجال والنساء في العالم العربي.