علي الوردي لم يسطتع أن يغفر لـ ابن خلدون موقفه السلبي من خروج "الحسين" على "يزيد".
وفي ردوده الكثيرة عليه لطالما استعان بمستشرقين أجانب أو كتاب عرب.
وكان يجد في بعض كتابات العقاد أفضل ما يحتاجه.
في أحد كتبه، ينقل الوردي عن العقاد هجومه على المؤرخين والكتاب الذين "يدرسون الثورات كما يدرس التاجر أرباحه وخسائره، فالتاجر يجمع الأرقام ويطرحها في دفتر الحساب لكي يعرف ما يربح من تجارته وما يخسر".
ومع ذلك، فالعقاد سرعان ما يسقط في نفس المنطق الذي يشجبه.
لكن الوردي رغم نباهته يفضل ألا يرى هذا التناقض.
في كتابه عن الحسين، يقول العقاد ما مفاده أن الثورة التي تنتهي بالاستشهاد والهلاك هي خسارة عاجلة، لكنها تحمل في طياتها وعدا آجلا بالربح: "إن منحى الاستشهاد هو بالبداهة غير منحى الحساب والجمع والطرح في دفاتر التجار. فالدعاة المستشهدون يخسرون حياتهم وحياة ذويهم ولكنهم يرسلون دعوتهم من بعدهم ناجحة متفاقمة فتظفر في نهاية مطافها بكل شيء حتى المظاهر العرضية والمنافع الأرضية".
ثم يذكر دعوات وحركات قال إنها حققت مكاسب كبرى ونجاحات لانطلاقها من ثورة الحسين كالحركة العباسية والفاطمية وغيرها.
وبهذه الطريقة بدا العقاد وكأنه ينتحل لثورة الحسين نجاحا آجلا تحقق على يد آخرين في عصور لاحقة.
ما يعني أن العقاد لم يغادر منطق الربح والخسارة في الحكم على الثورات، وإنما سار إليه، لكن من طريق آخر التفافي بعيد.
ابن خلدون أكثر عقلانبة، والعقل بطبيعته على النقيض من هذه الرغوة الوجدانية اللزجة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك