عبدالسلام القيسي
هكذا نجح الحوثي في إشغال العالم عن التعاطف مع غزة
تأملوا بهذا السيناريو: حرب إبادة ضد غزة، إجماع العالم أخلاقيا ضد إسرائيل، وحشرت أمريكا وحيدة في مجلس الأمن، ولو لم نستطع إيقاف الحرب.. لكن ماذا حدث؟ فجأة ظهر الحوثي بعنترياته في البحر وقرصنته بالبحر الأحمر، قطع الملاحة، ومن ثم ردة الفعل من دعوة أمريكا لتشكيل تحالف دولي يحمي البحر الأحمر، والعالم المنشغل بغزة نسي كل جرائم إسرائيل وذهب يناقش هذا التحالف، الدولي، الرامي لإنقاذ معيشة العالم.. أي: ضرر الملاحة يضر العالم كله. لكن قتل إسرائيل لأبناء غزة يضر الضحايا وحدهم. كان التعاطف العالمي مع غزة من جانب أخلاقي، فالنرويجي المتعاطف مع الأبرياء لم تصبه شظايا الصواريخ الصهيونية المنهمرة بالموت على غزة.. لكن، النرويجي الآن، يشعر بالضرر من توقف الملاحة، وكان المصري ينشغل بإنقاذ غزة ولكنه الآن نصف جهده وتركيزه لأجل نفسه ومصير قناة السويس، فعندما يجد المرء نفسه بفوهة الخطر لا يفكر بغيره، واليمني الآن يفكر بمخاطر الحوثي، كذلك السعودي. وأمام العالم، وربط مصير غزة بمصير البحر الأحمر، يوحي أن غزة صاحبة هذا الفرض، وهو الحصار العالمي، فيخف التعاطف. وقد خف التفاعل، تموت غزة الآن أكثر من ذي قبل.. وقبل الحوثي كنا نناقش كيفية إنقاذ غزة والآن نناقش كيفية تجنب الكارثة في البحر الأحمر.. وأدهى من ذلك الحوثي أعطى أمريكا التي دعمت إسرائيل بالموقف والسلاح بحرب الإبادة المسوغ الأخلاقي لتشكيل هذا التحالف في البحر بحجة صيانة حياة العالم وهو مبرر صحيح يراد منه التغطية على جريمة دفن شعب كامل، والسلام.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك