خالد سلمان
الحصاد المُر لتعطيل الوصول إلى ميناء الحديدة
الحصاد المُر هو ما يمكن أن نطلق عليه بخيبة الأمل الجمعي، حصاد تعطيل استكمال الأميال الأخيرة من الوصول إلى ميناء الحديدة، يدفع ثمنه الغرب والقوى الحاضنة لاتفاق ستوكهولم، وقبلهما وبدرجة أساس اليمن الذي يدفع ثمن تغول الحوثي وتجذره في الحكم، بعد أن كان هو الحلقة الأضعف في حلبة صراع القوى.
يتبادر إلى الذهن السياسي أن هناك من أراد أن يصنع معادلة: لا تُفنى الغنم ولا يموت الذئب الحوثي جوعاً، أي إبقاؤه في مربع لا نصر مطلق ولا هزيمة مطلقة، انسحاب خصومه بتوجيهات غير مبررة من مشارف صنعاء، ومن ثم تالياً على بعد رمية حجر من ميناء الحديدة، هو أس الكارثة التي نعيشها اليوم معاً: يمن وجوار ومصالح دولية.
الاستثمار في الحرب لاستنزاف دول النفط، مع أنه ينتمي لنظرية المؤامرة، التي تحط من العقل لصالح تغييب التحليل الموضوعي، إلا أن ما حدث من حماية للحوثي جراء الانسحابات الجبرية المتتالية، وتجنيبه حتمية الهزيمة، يدفع المواطن والمتابع على حد سواء، إلى التفكير أن هناك مصلحة ما في مد عمر الحوثي لا تمت لنا بصلة، وتتصل بمخططي الفكر الاستراتيجي الأمريكي وحدهم، أي توظيف الحوثي كجذوة نار لإبقاء هذه المنطقة محتقنة.
بمشاركة السعودية في القوات الدولية تحت ضغط واشنطن، تصبح الأوراق بالنسبة لصانع القرار السعودي أكثر غموضاً واختلاطاً: الحوثي يهدد بضرب داخلها النفطي، والرياض تصطدم بخيار الانسحاب الذي لا رجعة عنه من مستنقع حرب اليمن، عبر قارب خطة خارطة الطريق، ومحاولة إعادة تموضعها من طرف في الحرب إلى وسيط سلام، انخراطها في القوة الدولية ينسف كل تلك التطلعات.
الشراكة مع واشنطن في مشروع القوات المشتركة لحماية البحر الأحمر، هو مشكلة للرياض باعتبارها على خط النار حدودياً مع الحوثي، فسرعة حركة استكمال التشكيل بزيارة وزير الدفاع الأمريكي للبحرين، وتحرك الأساطيل إلى قبالة السواحل اليمنية، كل هذا الحراك يضع المملكة أمام قرار مصيري لا يقبل القراءة الملتبسة: العودة إلى الحرب في حال الانضمام، أو عدم الالتحاق بركب الأساطيل الأجنبية، لحسابات ربما يقدرها الأمريكي ويمنحها دوراً ثانوياً غير مرئي، يتصل بتمويل تلك القوات.
ومع تسريب الصحافة الغربية -الجارديان- البريطانية لأسماء الدول العربية المنضوية ضمن القوات الدولية ومنها الرياض، إلا أن القصر الملكي لم يبدِ تعليقاً بالتوكيد أو النفي على الأقل حتى الآن، وبقي الموقف السعودي في حالة غموض مربك: يرفض القرصنة ويعجز في الوقت نفسه عن تحمل التبعات الأمنية، في حال الانخراط ضمن عديد الدول المشتركة في قوامها، والذي بلغ عددها 36 دولة والعدد قابل للزيادة.
السعودية وإلى حد ما معها أبو ظبي، هما أكبر الخاسرين في قبول أو رفض الاشتراك في عملية حارس الازدهار، القبول يضع عاصمتهما تحت المظلة الصاروخية الحوثية، وفي الرفض تشجيع للحوثي على ممارسة المزيد من الفتونة والابتزاز ضدهما، وإبقاء قرارهما السيادي رهن حسابات صنعاء
المحفز الوحيد لجرهما إلى عملية حارس الازدهار هما أمران:
التعهد الأمريكي بحمايتهم من صواريخ صنعاء، التعهد الآخر بأن ضرب الحوثي، لن تكون ضربة عابرة بل مواجهة شاملة وحرب كسر عظم.
وحتى الآن لا شيء واضح بشأن حجم الضربة ومسرح العملية وبنك الأهداف، وما إذا كانت وساطة عُمان لإنقاذ الحوثي ستنجح.
* من صفحة الكاتب على إكس