بينما المبعوث الأممي يعلن أشياء عن خارطة الطريق، كانت صنعاء تبحث عن أشياء تخصها في المحتوى الذي أدلى به "هانس"، حاولت مراراً تعيد قراءة ذلك البيان، لكن دون جدوى، فقط كانت الكلمات الواضحة في أتون الفقرة المبهمة، سطور لا تروي عطش السلام، ولا طريق فيها تؤدي إلى صنعاء اليمنيين، وكل ما فيها من الوضوح هو الطريق إلى صنعاء سالكاً للخبراء الإيرانيين الغرباء عن آصالة صنعاء، والوجوه التي تحاول أن تخفي ملامحها لأسبابها الموضوعية.
من يعبأ بما يغور في كبرياء الناس الذين ينتمون إلى صنعاء ولا يزالون فيها، لكنهم غرباء، لا ينادون لأنفسهم لأن أسماءهم توارت خلف الكُنى، والبعض منهم يرقص على حافة الهلع النفسي بدون ضمير يُنسب إليهم.
من يمتلك القدرة أن يجد في خارطة الطريق المزعومة في سطور "هانس" على ما يرمم وجه صنعاء، ويعيد الأمل للناس، ويتلمس بطونهم الخاوية، وفقرهم المدقع، وأصواتهم المبحوحة والمسلوبة في كل تظاهرة يبحث فيها عبدالملك عن شرعية، وعن أخلاق وقيم يواري خلفها قبح جرائمه وشناعة سياساته، وتطرف فكره ونهجه، وتبعية موقفه وأجندته لإيران.
ملامح خارطة "هانس" تضع صنعاء في فم الشيطان يفاوض عليها كملكية خاصة به، لديه السلاح والصاروخ والخبراء من طهران، ويجرف بقوته المؤقتة ما تبقى من حياة في الناس إلى مهالك لا آخر لها، ويسحب الجغرافيا إلى ما يشبع الجوع الإيراني للتوسع في المنطقة، يمتهن التجويع كسلاح لإركاع كبرياء الناس، يحتقر، يخدع، يكذب، يخاطب الجموع وسط كومة من التناقضات، ثم لأنه الشيطان يراد له أن يفوز بصنعاء.
الله وضع الشيطان خارج الجنة عندما انحرف عن المسار المرسوم له، والشيطان الذي يهمن على صنعاء، يجب أن يتم وضعه خارجها، وأن تُكسر الأقدام الإيرانية التي تطأها، لا يجب منح الحوثي حكم صنعاء، لأن ذلك ينافي قيم السلام والإنسانية، وإذا كُرس ذلك فهذا يعني تسليم الشمال للفقر والأمراض والجهل والحروب والعبودية، يعني ذلك أن دول الخليج محاطة بالصواريخ الإيرانية، وباب المندب مهدد بشكل دائم، ولا سلام في المنطقة.
صنعاء بحاجة إلى خارطة طريق مخالفة لما جاء به "هانس" خارطة متروسة بالإيمان الحاسم الذي يُعيد صنعاء إلى اليمنيين عبر البندقية، والمعركة الخالصة، خارطة للمعركة والسير بأقدام ثابتة نحو صنعاء، من الجنوب والمخا ومأرب، تلاقيها مسارات صعدة والجوف، كل الطرق تؤدي إلى صنعاء، وحدها هذه الخارطة تنقذ صنعاء والدولة والمجتمع والمنطقة.