النفوس الخبيثة نفوس شريرة منحرفة لا تحب الخير للآخرين مهما تظاهر أصحابها بالود والاحترام لغيرهم حيث انها مجرد اخلاق ومجاملات مصطنعة وزائفة ووسيلة عبور للوصول إلى غاياتها واهدافها ومصالحها الشخصية بطرق غير صحيحة.. ومما تتميز به هذه النفوس المريضة "نفسيا" حب الذات ولو أدى ذلك إلى الإضرار بغيرهم ممن وثقوا بهم واغتروا بمعسول كلامهم واخذوا بظاهرهم وذلك بحسن النوايا وصدق المشاعر الإنسانية والفطرة السليمة التي فطر الله عليها جميع البشر بمختلف الوانهم ومعتقداتهم وجنسياتهم، قال صلى الله عليه وسلم: [كل مولود يولد على الفطرة...].
ومن العلامات الأخرى لخبث بعض الأنفس الحسد وتمني زول النعمة عن الغير سواء كانت هذه النعمة من الأموال او المنصب او الأولاد او الصحة او حتى الملبس والمأكل أضف إلى ذلك عدم الاحترام للغير الذي يعد كذلك من السلوكيات الخاطئة التي تدل على سوء الطوية والتربية السيئة وخبث النفس وعدم احترام الذات، إضافة إلى الحقد والكراهية والاعراض عن الحق وعدم الثبات على المبادئ والقيم والسير بين الناس بأكثر من وجه، لذلك قال الله تعالى: {واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا واذا خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون}، وقال صلى الله عليه وسلم: [إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه] اي ان ذا الوجهين ذلك الشخص الذي يذم ويمدح الآخرين حسب المصلحة لا غير.
كذلك يعد اللؤم وعدم الحياء وحب الاستحواذ على حقوق الآخرين عن طريق الكذب والحيلة والخداع من دلائل النفس الخبيثة الناكرة لكل معروف وجميل، ولذلك قال أبو الطيب المتنبي "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته... وان انت أكرمت اللئيم تمردا".
وفي الاتجاه الآخر يقابل هذه النفوس الخبيثة الناكرة لكل معروف وجميل النفوس الطيبة السمحة التي ما زالت على الفطرة والأصالة والأمانة والمبدأ وحب الخير للجميع، وسبب كل ذلك الإيمان والحياء والوازع الديني وحسن التربية والضمير الحي الذي يرفض كل خلق ذميم.
يبقى أن ندرك الحقيقة وهي ان الكمال لله وحده وجميع البشر يخطئون ويصيبون فليس هناك ملائكة معصومون ولا شياطين ملعونون ولكن إذا غلب الجانب السلبي في الشخص الجانب الإيجابي فذلك معناه ان هذا الشخص سيئ ونفسه خبيثة والعكس صحيح ومعرفة ذلك يكون من خلال الأقوال والأفعال، فالأنفس الطيبة والقلوب السليمة لا تقبل أبدا النفوس الخبيثة. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: [الأرواح جند مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف] اي ان الأرواح الخبيثة تتفق مع بعضها ولكن يستحيل ان تتآلف وتنسجم مع الأرواح الطيبة، وهذه من الفطرة والغريزة في كل إنسان، وكما يقال الحمام مع الحمام والغراب مع الغراب.