مع اسقاط الذراع الايرانية، عاصمة البلاد ودولتها، غادر الاستاذ محمد المساح، صنعاء إلى العزاز.. قريته، التي ابتدأ منها الحياتين معاً، الدنيا والآخرة.
راعياً وملتزماً..
المساح، رئيس تحرير صحيفة الثورة، وكان اسمها لوحده "ثورة"، ولن تتمكن هذه الصحيفة اليوم من الاحتفاء بك يا "أستاذ"، فهي في قبضة الجهل والصلف والاحتقار.
ولسنا على الضفة الأخرى بشكل أفضل.. ها هي الأوساط كلها لا تتناقل خبر وفاتك إلا بعد ساعات طوال من رحيلك، وتنعيك بعمومية تكشف سوء اللحظة الوطنية العامة، حيث القطيعة والتوهان.
ليتنا نعود لقراءة سيرة كل جمهوري، وبخاصة رموز اليسار والليبراليين، شمالاً، دون إلغاء لما سواهم طبعاً.
لكن هذه النخب وأغلبهم كانوا "الأطفال الذين يشيبون عند الفجر" كما قص لهم "محمد عبدالولي".
هم روح التغيير الذي لوّن وجه صنعاء بعد الـ26 من سبتمبر.
التغيير ليس خطاباً عراكياً عاماً، بل تغيير واقعي.. يطور الواقع بالتزام يجمع التقليدية بالحداثة.
التغيير ليس مجرد سياسة، بل سلوك فردي يفتح باباً أو حتى نافذة صغيرة لما يبهر الناس من اختلاف عن النمط والسائد المغلق.
وكانوا في مبتدأهم شباباً لا يملكون سوى الاعتداد بالذات، والإيمان بأن التغيير حتمي، وهي صفات مبهرة، بها إن أمر المجد استجابا.