تنويه: ما أكتبه مهم ولم يتطرق له أحد، ويجب النظر إليه لفهم حقيقة ما يحدث للناس من تدميرٍ للوعي المالي بشكلٍ علمي.
هل تعرف ما الذي يجعل التاجر يستغلك ويبيع لك بالأسعار نفسها التي كانت تُباع عند سعر الصرف 760 ريالًا، وأنت تدفع مباشرة في المطاعم والأسواق وتشعر أن جيبك ينفذ سريعًا؟
المسألة ليست جشعًا فقط، بل هناك عامل أخطر بكثير:
إن دماغك توقّف عن إدراك القيمة الحقيقية للمال.
يقول علم الأعصاب والاقتصاد السلوكي إن الدماغ البشري يعيد "معايرة" القيمة بناءً على الواقع المتغيّر حوله. وعندما تتعرض لارتفاعاتٍ جنونية في سعر الصرف ثم انهيارٍ مفاجئ، يدخل العقل في حالةٍ تُعرف علميًا باسم:
Cognitive Price Fog (ضباب القيم المالية)
هذه الحالة تجعل المستهلك يفقد القدرة على تقييم الأسعار، لأن الدماغ لا يستطيع تثبيت قيمةٍ ثابتة لما في يده من مال.
النتيجة؟
أنت نفسك لم تعد تعرف هل ما معك كثير أم قليل، فيترك للسوق الإجابة بدلًا منك.
يصبح التاجر هو من يحدّد قيمة مالك، لا العملة نفسها.
فلو كانت مثلًا مصاريفك اليومية عندما كان سعر الصرف 760 ريالًا، هي 30 ألف ريال،
فأنت الآن تدفع المبلغ نفسه بسعر صرف 425، ودماغك لا يعطيك أي إشارة إلى أنك تجاوزت الحد.
نفس الظاهرة تحدث عندما تسافر لأول مرة إلى بلدٍ جديد وتحمل عملتهم:
دماغك يتوه مؤقتًا ولا يعرف قيمة الأشياء، لأن نظام التقييم العقلي لم يعتد بعد.
الفرق هنا أنك في بلدك، لكنك تعيش كما لو أنك في دولةٍ جديدة كل أسبوع.
والسوق يعرف ذلك جيدًا ويستغله، فكلما اهتزت العملة اهتزّ وعيك الشرائي معها.
وكلما فقدت السيطرة على إدراك القيمة، فقدت السيطرة على السوق.
هذه ليست أزمة اقتصاد فقط، بل أزمة إدراك.
وأخطر الحروب هي تلك التي تُخاض داخل الدماغ قبل الجيب.
#خيانة_الدماغ
من صفحة الكاتب على الفيسبوك
