محمد سعيد الشرعبي

محمد سعيد الشرعبي

تابعنى على

جنة الشرعية وجهنم الانقلاب

Sunday 25 March 2018 الساعة 09:50 am

لا أحبذ المقارنة بين قوات الشرعية والانقلاب في تعز بحكم انحيازي الكامل للجمهورية ضد الإمامة، ولكن هناك ضرورة لتذكير من امتهنوا القتل وأدمنوا النهب بأحد تبعات كوارثهم.

تُسمي النخب التعزية الحوثيين "مليشيات انقلابية"، ومكونات المقاومة "قوات شرعية"، وللتاجر والمواطن العادي رأي مختلف، ويسميها بحس الباحث عن الأمن، ولو عند الشيطان.

الحوثيون "الانقلابيون" يحاصرون تعز ويقصفون الأحياء، والمنفلتون "الشرعيون" يستبيحون دماء الأبرياء وأملاكهم، ولهذا لدى المواطن ظلم ذوي القربى أشد من "القذائف الحوثية"!

خلال ثلاثة أيام قتل وأصيب أكثر من عشرة مدنيين، من بين القتلى، امرأتان وطفل، بنيران عصابات تابعة لقيادات "الشرعية"، ولم تسجل جريمة في الحوبان الخاضعة لـ"المليشيات الانقلابية".

بعد ثلاث أعوام من الحرب تغيرت القناعات وتزايدت الهجرات الجماعية من "جنة الشرعية" نحو "جهنم الانقلاب" في الحوبان، هكذا يتحدث من يرى النزوح العكسي خلاصه الوحيد ممن يزعم حمايته.

بداية الحرب كان الناس ينزحون من مناطق سيطرة الانقلاب إلى مناطق نفوذ الشرعية، وفي تعز -حاليا-تتزايد موجات الهجرات العكسية، وهذا نتاج طبيعي لكوارث الانفلات الأمني.

يقول الناس العاديون والتجار، في "جنة الشرعية" يغتالك هذا وينهبك ذاك، وليس هناك دولة تحميك أو تصون حقك، وفي "جهنم الانقلاب" لا أحد يجرؤ على اعتراضك إذا لم تكن معارضا لهم.

سيستقر الناس حيث وجد الأمن، وتخلى بعضهم عن مواقفهم ضد الانقلاب نتيجة ظلم المحسوبين على الشرعية، ولهذا يتسرب الآلآف للعيش في الضفة الأخرى بلا خوف من الكهنوت.

لقد تسبب الانفلات في انتقال آلاف السكان وعشرات التجار مكرهين من كذبة فردوس المناطق "المحررة" باتجاه المدن"المحتلة"، ولم يستشعر أحد سبب هذه المآلات الكارثية، ويعمل على إنقاذ الموقف.

يضحي أبناء تعز منذ ثلاثة أعوام بهدف إنهاء وجود المليشيات الانقلابية المحيطة بالمدينة، ومع ذلك، تستبيح دماءهم واملاكهم عصابات قيادات الشرعية، وهذه جرائم كبرى وخيانة عظمى.

المطلوب من المحافظ الجديد أمين محمود تفعيل دور مؤسسات الدولة، أولها، الشرطة، بهدف ضبط الأمن، وإنقاذ السكان من إجرام عصابات الانفلات الوجه الآخر لمليشيات الانقلاب.

أدرك تحديات ومتطلبات تعزيز حضور الدولة وضبط الأمن في مدينة منكوبة تحكم من قبل عصابات منذ ثلاثة أعوام، ولكن إذا وجدت إرادة سيكون تشخيص العلل المستعصية ومعالجتها سهلا على المحافظ.

أقولها بصريح العبارة، لن يهزم الانقلاب إذا لم توضع نهاية للانفلات، ولا معنى لتحرير المحافظة في حال ظل تغييب حضور الدولة هدف الجماعات المؤدلجة، فالنصر ليس ضربة حظ، وضبط الأمن ضرورة هامة لإعادة ثقة الناس بالجمهورية.