ينغلق اليمني وينفتح على الحياة بسهولة. وهو مثل عجينة طرية تقدر تعمل منها ما اشتيت.
في أول التاريخ جاءت الديانة اليهودية إلينا وتيهودنا، وجاءت المسيحية بعدها وتمسيحنا، وجاء الإسلام وأسلمنا برسالة، وجاءوا الأحباش والفرس والبرتغال وشلينا من كل واحد قليل، ودخلوا البريطانيين عدن وتكلمنا انجليزي وبعد ثورة 14 اكتوبر حكم الجنوب نظام ماركسي شيوعي وتمركس الناس وتشيوعوا، وبعد سنوات قليلة – فقط- من ذهاب الحكم الإمامي في 26 سبتمبر سنة 1962 خرج الى الحياة شعب جديد ولبس العامة وربطات العنق وتدفق التعليم وخرجت المرأة من إطار صورة 4×6 الى فضاء رحب وانتعشت الفنون وكانت دور السينما بصنعاء مفتوحة للرجال وللنساء ولم يكن احد ليصدق ان هذا المجتمع الذي يرقص للحياة ويغني للحب ويسأل عن موعد اقلاع الطائرة هو نفسه ذلك المجتمع الذي كان قبل سبتمبر المجيد يركب البغال ويعيش في القمقم.
وسنة 1990توحد الشطران النقيضان (الشمال والجنوب) وخلال السنتين الأولى من عمر الوحدة الفتية خرج اليمنيون الى الحياة مثل الشضويات بعد المطر، لكن تلك الخرافة الجميلة لم تدم طويلا وسرعان ما اجتاح نظام صنعاء الجنوب وتغيرت نفسيات الناس وتغيرت ملابسهم وتغير نمط العمران ودكت ثقافتهم المحلية وتم حشر مجتمع الجنوب – بقسوة وبسرعة - في عبوة العيب والحلال والحرام والعرف والمحدعش والهجر وذبح الثيران واصبحت سلطة المشيخ هي السائدة والنظام والقانون يسير يدور له بقرة تلحسه.
في اليمن والصراع عندنا: رجعي لبج تقدمي وتقدمي لبج رجعي والإسلام هو الحل، والعالم طلعوا الفضاء واحنا لليوم حانبين عند شكل الدولة، وفي الحصيلة العامة لا التقدميين تقدموا ولا الرجعيين رجعوا الى جادة الصواب ولاخرجنا لاطريق، وما احوجنا في هذا الظرف الصعب الى قائد شعبي يخوض بهذه الطاقات الوفيرة شوط دولة العلم والنظام والقانون ماشي سرحة الجن.