لا أشعر بالسعادة؛ لأن الحرب دمرت بلادي وجعلت كل شيء فيه سيرة يومية إلى المقابر.
لا أشعر بأني قادر على الاستمتاع بشيء، لا بالأعياد ولا بالأغاني ولا باجتماع بالأهل ولا بلقاء الأصدقاء وكل أيامي انتظار للحظة التي تنتهي فيها الحرب ويعود السلام الى بلدي الجريح.
أدلهف الأيام دلهفة واتحايل على الوقت كأي خائب أصبحت الأحلام الكبيرة بالنسبة إليه مسألة أصعب من وصول اليمن إلى كأس العالم، ولم يعد لدي فكرة عما يمكن أن أفعله غدا او بعد غد، غير أني أريد من كل قلبي أن أخرج من هذه المحنة وراسي سلم وبلادي متعافية من الكراهية والأحقاد.
لم أعد ظريفا كما كنت في تلك الأيام الهادئة والجميلة وأصبح ابتكار النكتة عندي مثل تسلق جبل شاهق ومقفر ولا فائدة مرجوة من الصعود إليه غير مزيد من الانهاك والتعرق.
ومش حياتي أنا وحدي بس هي اللي أصبحت جافة وقاسية، شعب بأكمله يعاني مثلي وربما أن أقلهم معاناة لأني مازلت قادرا على الكتابة بطريقة مدون يروي حكاية أيامه الأخيرة في بلد لا آخر للمواجع فيه.
لست محبطا ولا يائسا ولكن ذهني مرهق وأفكاري مشتتة وروحي ذابلة وماليش نفس أخرج حتى من باب البيت وأدخل الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن خبر واحد سار ولا أجد غير التعازي وأخبار عاجلة عن أموات آخرين ومعتقلين جدد وأوباش متكاثرين أصبح لوجودهم في حياتنا شأن وأصبحوا هم نجوم الموت والحرب والخراب والدمار .
إلى أين تمضي أمة صغارها مع كبارها لايتحدثون إلا بلغة القوة وتصفية بعضهم بعضا في حرب أكلت الأخضر واليابس وكل أمل يلوح في الأفق وراؤه موت وفير ومآس أخرى تترصد الأبرياء وتدمر طاقات ومقدارت الناس اللي مالهمش دخل في كل هذا العصيد الحاصل في حياتنا.
ارهقتنا الحرب وجعلتنا أمة تكره بعضها وأنا أريد لبلادي السلامة ولإنسان بلادي العيش الكريم وأريد لنفسي أن أعود كما كنت كاتبا يسعد الناس لكن فاقد الشيء لايعيطه وأعتذر لكل الناس الذين كانت ضحكاتهم رصيدي الثمين في الحياة.
هي شدة وتزول على أية حال.. هكذا يفترض بي أن أقول ككاتب دفعته مآسي الحرب المتكاثرة منذ ثلاث سنوات لأن يبدو مكتئبا على غير عادة، وكل عام وأنتم وبلادي وأهلي وناسي وأصدقائي في محبة وسلام.