محمد عبدالله الحضرمي

محمد عبدالله الحضرمي

المؤتمر.. كلفة الخروج من المحنة

Thursday 16 August 2018 الساعة 04:15 pm

في النزاعات الأهلية تتجسد أهمية كل حزب في مدى حضوره وفاعليته داخل حقائق القوة والأرض، حيث لامكان للقيم العددية وساحات العروض والحشود. هذا المعطى يرشدنا إلى أين يتجه المؤتمر الشعبي العام.

فبينما تتقاسم الشرعية وحزب الإصلاح وتنظيم الحوثي والكيانات والنخب الجنوبية كل الأرض والثروة، بنسب تتفاوت وتتفق مع قوة قبضاتها، يتفرد المؤتمر بقاعدة جماهيرية (مدنية) واسعة لا ميزان لها في خارطة قوى تعتمد في ثقلها على القوة العسكرية لا المدنية فقط، ونتيجة لذلك غاب المؤتمر الشعبي العام وسط هذا النزاع الذي يميل فيه ميزان القوى لصالح القبضة العسكرية.

تمثلت عناصر الضعف التي ساقت المؤتمر إلى هذا الحال عند انقسام الحزب بين الرياض وصنعاء بعد إعلان عاصفة الحزم، لكن الثقل السياسي والجماهيري للزعيم صالح وبقائه في صنعاء ساعد كثيراً على تماسك الحزب والتفاف الجماهير المؤتمرية حوله، وتزاحمت الأحداث والوقائع حتى بات الحزب عرضة لعملية استقطاب واسعة قادها تنظيم الحوثي لصالحه، وسعى بذلك لإظهار المؤتمر ضعيفاً بعد استهداف قياداته، في تصرف أشبه باستعراض القوة على الحزب الذي لم يعد قادراً على حماية قياداته، وبالتالي لم يعد قادراً على تحقيق مصالح القوى الشعبية أو القبلية الملتفة حوله، وهو الأمر الذي كان المؤتمر عاجزاً أمامه بسبب طبيعة الحزب المدنية، إلى أن وصل سوء الوضع إلى استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح على يد هذا التنظيم، وهي الكارثة التي أظهرت الانقسام الكبير الذي كان خافياً؛ بسبب الحضور الطاغي للزعيم صالح، كما أن استشهاده أحدث انقسامات جديدة.

اليوم، فرص الحزب للحفاظ على جماهيريته الواسعة وإنقاذها من الهلاك والتقسيم والاستقطاب في الالتفاف حول الميراث السياسي لمؤسس الحزب والاستفادة من تجارب العائلات السياسية في إدارة الأحزاب، وكذلك في إعادة بناء الجسد القيادي للمؤتمر بالعمل على إذابة الخلافات المتراكمة بين قيادات الحزب، والخروج بمصالحة مؤتمرية مؤتمرية تليها مصالحة مؤتمرية مع المكونات السياسية المناهضة لتنظيم الحوثي، خصوصاً أن قيادات الحزب في الخارج تتمتع بسهولة التنقل والوصول إلى مختلف القوى السياسية المؤثرة سواءً المحلية أو الإقليمية، على عكس قيادات المؤتمر في صنعاء والتي تعاني من سطوة التنظيم الحوثي عليها، والتحكم في قرارها.. ونظرًا لطبيعة هذه الممارسات التي تظهر الحزب كتابع أو أسير، فإن بقاء هذه القيادة في معزل عن باقي زملائهم في الخارج يزيد من الهوة بين مركز الحزب وفروعه.