خالد محفوظ بحاح
لؤلؤة حضرموت ومناجم الرجال والنساء
قف بمديرية وادي دوعن حين تمر بها، واستنطق التاريخ والجبال والوديان فيها، واستمع إلى قصص من الكفاح والعصاميّة وحب الأوطان وقائمة كبيرة من الأعلام والرجال الذين يشتد بهم العزم.
يروي تاريخ مدينة الهجرين وأخواتها كيف كان إنسانها رمزاً للشدّة والبأس، ويحكي حاضرها عن رجالات ونساء انطلقت من هنا فكتبوا أسماءهم في قوائم المجد الحضرمي محلياً وخليجياً وعالمياً.
كنت سعيداً وأنا أزور مدنها وقراها هذه المرّة متخففاً من المسؤولية الكبيرة التي تحملناها في ظروف صعبة سابقة، واقتربت من أهلها فأكبرت فيهم العزم والحزم والصلابة، فهم الذين تصدّوا للجماعات المتطرفة وقاتلوهم دفاعاً عنا جميعاً، وهم الذين يعيشون حياة البساطة والعفّة بعيداً عن ضجيج الحرب والمأساة.
قصدنا، أيضاً، مديرية الضليعة، وجَمَعنا لقاء مع أعيانها ومشائخها..
إنها فعلاً مُدن مناجم للرجال والنساء، فمنها انطلق رجال الأعمال والقادة في مجلات عدّة، وما زالت حُبلى بالكثير منهم.
شرمة لؤلؤة حضرموت
وفي شرمة أمضينا يوماً جميلاً بجمال المكان وله في الذكريات مكانة لا تشبها بقعة أخرى.
استجمامنا في بحرها النقي عاد بِنَا إلى يوم أن كانت فيه شرمة ثاني ميناء في حضرموت بعد ميناء الشحر، ويوم أن كانت مدينة يسكنها البشر ولا يلحقون بطبيعتها الأذى.
لا يزورها اليوم أحد إلا ويشعر بالحسرة وتذرف عيناه دموعاً كدموع سلاحفها الخضراء عندما تذبح بطرقة غير مشروعة وهي تقطع مئات الأميال كي تضع بيضها في ساحل شرمة دون سواه..
حسرة على سنوات الإهمال التي ضاعت معها فرص جمّة من عمر البناء والتطور فالبلاد حباها الله من الكنوز العظيمة ما أن مفاتحها لتنوء بالعصبة.. لكنها دفنت في عصور الأنظمة السياسية البائسة.
الكثير من المشاريع يمكن أن تبصر النور في حضرموت وتحديداً في لؤلؤتها شرمة سيعود ريعها لصالح مدنها المتعددة والبلاد ككل، فما أحوجنا إلى تنمية بعد هدم ونهضة بعد انتكاسه بسواعد أبنائها المخلصين.
شرمة المحمية موطن السلاحف الخضراء، نراهن عليها لتكون علامة سياحية فارقة في تاريخ البلاد الحديث متى ما وجدت النوايا الصادقة، كيف لا وقد حظي ساحلها ومحيطها بالأمن والأمان بعد أن أقيمت لحمايتها قوات من أبنائها.
* نائب رئيس الجمهورية - رئيس الوزراء الأسبق
* جمعها (نيوزيمن) من بوستات للكاتب علی صفحته في (الفيس بوك)