فتحي الباشا

فتحي الباشا

تابعنى على

هل يحول الحوثيون اليمن إلى مكب لنفايات العالم؟!

Sunday 27 January 2019 الساعة 08:44 am

تتجه الأوضاع رويداً في سوريا نحو الانفراج.. ويضع العالم الرتوش الأخيرة لتسوية تنهي ثماني سنوات من النزاع المدمر والمعقد كما يوصف.

الانسحاب الامريكي من سوريا، وتطبيع العلاقات "العربية" مع "نظام دمشق".. وتصاعد الضربات الاسرائيلية الدقيقة على أهداف ايرانية داخل وفي محيط دمشق.. والحديث عن مناطق آمنة على الحدود التركية مع سوريا.. كلها ترتيبات لتفاهمات كبرى وملامح لتسوية سياسية تضع بشار الأسد رئيسا لسوريا لفترة قادمة.. مع حكومة انتقالية بمشاركة معارضتي الداخل والخارج.. وتقليص حدة التدخل الخارجي.. وإنهاء الوجود الإيراني والمليشيات الشيعية في سوريا.

وهي صفقة جيدة للنظام والمعارضة والشعب السوري الذي عانى الويلات من هذه الحرب الطاحنة التي خلفت أكثر من 350 ألف قتيل، و3 ملايين جريح، منهم مليون ونصف يعيشون مع إعاقة دائمة، وبينهم 86 ألفا بترت اطرافهم، فيما اضطر نحو نصف السكان إلى مغادرة منازلهم منهم 6.6 مليون نزحوا داخل البلاد و5.4 مليون فروا خارجها وتوزعوا في مخيمات للاجئين في تركيا ولبنان والاردن والعراق ومصر، إضافة إلى خسائر تقدر بـ 226 مليار دولار جراء هذه الحرب التي أعادت الاقتصاد السوري 3 عقود إلى الوراء.

يمنياً، لا يبدو الملف اليمني منفصلاً عن تطورات الوضع السوري "سلبا، وإيجابا" بالنظر إلى مصالح القوى الكبرى ورؤيتها لادارة الازمات ومعادلة الصراع وتوازن القوى في المنطقة، بدليل الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي والأمم المتحدة لاستئناف عملية السلام وجر أطراف الأزمة لطاولة الحوار وانضاج اتفاقات السويد لتحقيق أي إنجاز سياسي ينقل الأطراف من معارك الحرب إلى معترك السياسة.

هي إذا مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية وتاريخية بالنسبة لأطراف الأزمة اليمنية بمن فيهم المليشيا الحوثية لمواكبة هذه الجهود وإدراك المتغيرات في المنطقة والذهاب لمسار سياسي للحل بالتوازي مع التطورات السورية، كي لا تتحول اليمن إلى مكب لنفايات العالم، ومسرح لعمليات التحالف الدولي بحجة ملاحقة داعش وتنظيم القاعدة، وساحة أخيرة لتصفيات الحسابات الاقليمية والدولية، وموطن لهجرة التنظيمات الإرهابية التي لم يعد لها موطئ قدم في بلاد الشام والعراق.

الواضح حتى اللحظة أن تحركات المليشيا الحوثية تتماهى مع هذا السيناريو الأسود الذي ينتظر اليمن واليمنيين عبر ذهابها لتعزيز الخطاب الطائفي وتنمية مشاعر العداء والكراهية بين المواطنين في مناطق سيطرتها، او عبر استمرارها في إعاقة تنفيذ اتفاق استوكهولم والذهاب نحو مشاورات الحل الشامل للأزمة.

فهل يدرك قادة المليشيا خطورة ممارساتهم وتعنتهم في هذه المرحلة الدقيقة وبالنظر للتطورات الكبرى في المنطقة 
أم أنهم يتعمدون جر البلد لفوضى شاملة ومذبح دم سيصبح معها الحديث عن فاتورة الخسائر البشرية والمادية طيلة الأربع سنوات الماضية من عمر انقلابهم على السلطة الشرعية، مجرد مزحة ودعابة مقابل ما نحن مقبلون عليه من دمار ودماء وأشلاء؟!

اللهم بلغت.. اللهم فاشهد

* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)