جزافاً، وبدون مقدمات، سأكتب لك بلغة المشهد المؤلم "أسبابه ومسبباته - تداعياته ونتائجة الكارثية"، فلا أظن أن الوقت مجاز للخطابة والبلاغة، فنكبة "حجور" نزلت صاعقة مدوية، ولا أظن أن آثارها الموجوعة والتي حطمت آخر قلاع "الأماني" التي كانت تنسج في أرواحنا وأذهاننا خيوط الفجر التحرري من براثن الاستبداد الكهنوتي وأدواته الحوثية الخبيثة والحاقدة على كل شيء، بفعل تعدد الأجندات، وتضارب التوجهات، وتشابك المشروع، وتناسق الهدف الذي يتشدق به طرفا الأزمة في اليمن "الحوثيون وشرعية الدنبوع" وانسجامية الشعور بأن بقاء سلطتيهما قائمة على إطالة أمد الحرب.
فالسيد الرئيس "الدنبوع" مبدع في التفكيك فقط ولا يجيد شيئاً غير ذلك، وهو متيقن بأنه لم يصل إلى "كرسي السلطة" إلا على ظهر أزمة سياسة "كقائد انتقالي" تنتهي سلطته فور انتهاء المرحلة الانتقالية، وذلك ما جعله يسعى بكل جهده لإغراق اليمن في صراعات عبثية لم يفكر في عواقبها ولِمَ يفكر أصلاً طالما وتلك الصراعات تطيل أمد سلطته "وهذا ما يريده". فحاول الرقص على المتناقضات والقفز على المحددات.
فمنذ اليوم الأول لوصول والده إلى السلطة أصبح جلال "نجله الأرعن" كالمجنون وك"كلب مسعور" يلهث خلف أحلامه ونزواته النزقه في تضخيم أرصدته وبناء أسطورة مالية من كل شيء يقع عليه، دون أي رادع له، ومن يردعه وهو "نجل السيد الرئيس" وأن السلطة ملك لوالده وهي حلال له يجرفها كيف يشاء سواءً في المتاجرة بالقرارات أو فتح مزاد تنافسي للتعيينات "ولكل منصب سعر محدد" أو بالنسبة التي يجنيها من وراء إقناع والده في إرساء الصفقات حسب مزاجه وفق قانون "من يدفع أكثر"، وموارد أخرى لا تحصى ولا تعد.
بينما انشغل السيد الرئيس وأولى جل اهتمامه بزرع الفتن، واستثمار الصراعات السياسية والمناطقية، وتأجيج الفتنة وإشعال فتيلها، كما حدث بين الحوثيين والسلفيين في دماج، والحوثيين والإخوان في عمران، ومنها إلى صنعاء.. والسيد الرئيس "القائد الأعلى للقوات المسلحة" لم يتخذ حتى قرار بحماية صنعاء من التمدد الحوثي، وأي قرار سيتخذه القائد وهو قد قام بتفتيت وتفكيك الجيش ومؤسساته ومزقها شر ممزق حتى سقطت صنعاء ومنها فر إلى عدن لتلحقه نيران الفتنة إلى عدن، وحين تم إطلاق عملية "عاصفة الحزم"، والتي اتخذ قرارها تحالف عربي تقوده المملكة السعودية لإعادة الشرعية وإيقاف التمدد الحوثي والذي استشرى في المحافظات اليمنية "كسرطان خبيث"، ومع وصول القوات العسكرية المشاركة في التحالف لقطع دابر الميليشيا الحوثية وتحرير المحافظات الجنوبية والشرقية ومحافظة مأرب من أذيال الكهنوت، وشعر "الدنبوع" حينها أن سلطته تتآكل وتندثر لاسيما وهو يلقي بمهمة قيادة العمليات البرية لجماعة الإخوان "الإصلاح" والذين تتشابك مصالحهم الانتقامية مع الحوثيين من الأشقاء في دول الخليج وعلى رأسها الحليفان البارزان "المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات"، ودلالة ذلك هو أنه منذ تسلمهم زمام قيادة قرار العمليات البرية ضد الحوثيين فإن جميع الجبهات توقفت نهائياً ولم تحرز أي تقدم يذكر حتى اليوم، وأصبحت المعارك التي يخوضها "الحوثيون والإخوان" معارك عبثية ولا تنفك عن كونها معارك إعلامية تدار على شاشات القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي.
أما الرئيس فهو كعادته منشغل بإخماد شرارة أي انتفاضة شعبية أو سياسية قد تكسر حالة الجمود السياسي، فإنها ستزيل سلطته تماماً كما حدث في انتفاضة ال2 من ديسمبر فقد اغتال عنفوانها منذ انطلاقها، وساهم بشكل كبير في إخماد شرارتها التي كادت أن تبتلع الحوثيين لو أنه اتخذ قرار تحريك جميع جبهات القتال بوقت واحد لتشتيت تركيز قيادة الميليشيا، وإصابة صفوفها بمقتل، ولكنه كعادته لا يجيد سوى فن التفكيك، وكما اغتال شرارة الانتفاضة العارمة في حجور وخذلها ولم يتخذ قراراً بتحريك أي لواء عسكري لكسر الحصار عن حجور أو مساندتها حتى صعقنا جميعاً بالاجتياح الحوثي البربري لحجور وتفجير منزل القائد أبومسلم الزعكري وقتله هو وأبنائه والتمثيل بجثته واختطافها و"شرعية الدنبوع" لم تحرك ساكناً.
ويذهب الدنبوع ومعه الإخوان وعبر جيوش من الصحفيين والإعلاميين "مدفوعي الأجر مسبقاً" إلى إلصاق أي انتكاسة بالتحالف العربي، وذلك لسحب البساط عن الارتياح الشعبي الواسع لليمنيين مما يحققه وحققه التحالف العربي، بينما الإخوان يكنزون الأسلحة المقدمة لهم من التحالف العربي سواءً كان "دعماً مباشراً أو عبر عمليات الإنزال الجوي" والذي قدمته المملكة السعودية لقبائل حجور لمواجهة الكهنوت الحوثي، واستحوذ الإخوان على السلاح ورفض تسليمه للمرابطين في الجبهات والثغور، مبررين عدم تحركهم بأن أبناء حجور يتبعون حزب المؤتمر الشعبي العام، وأنه لا يجب أن يتلقوا أي دعم من السعودية، وأنه يجب أن تدعمهم الإمارات "الحليف الأقوى في التحالف"، وتركوا أبناء حجور يواجهون البربرية الحوثية التي استخدمت لإبادة أبناء حجور جميع أنواع الأسلحة الرشاشة والقاذفات وحتى الصواريخ الباليستية استخدمها الحوثيون لإبادة حجور الذين يواجهون الصلف الحوثي بأسلحتهم الشخصية "في معركة ضيم لا يتساوى فيها الطرفان".
ومؤخراً وبعد عناء وجهد شاق ومضن وبعد أشهر طويلة من النقاشات والتواصل نجح التحالف العربي بقيادة السعودية من لم شتات 120 عضواً في البرلمان اليمني من أجل إعادة دور البرلمان وعقد اجتماع له وممارسة مهامه داخل اليمن، حينها سارع الرئيس التفكيكي "الدنبوع" إلى اغتيال هذا المشروع الوطني واختراع مؤتمرا جنوبيا لتأييده "من القاهرة" تولى تلك المهمة رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة الرئاسة أحمد العيسي في طريقة بهلوانية تفتقد للمشروع الوطني والهدف، وهذا العمل الذي قام به الرئيس يهدف إلى التخلص من المجلس وأي دور مستقبلي له قد يؤدي إلى نقل السلطة له وزوال ملك هادي.
هادي الذي يفشل أي بادرة قد تخرج اليمن من عنق الزجاجة وتعيد الشرعية اليمنية لليمنيين بينما هادي ربطها به "شخصياً" وجعلها تماماً "شرعية عبر الوايرلس" تدار من خارج حدود اليمن.
رئيس عاجز وأضحى بإجماع الجميع عقبة أمام مشروع إحلال السلام في اليمن، ليس بمقدوره اتخاذ أي قرار مكتوب يثق في تنفيذه.
هو لايتذكر أنه رئيس للبلاد وبيده القرار وإصدار التوجيهات القوية إلا فيما يتعلق بإيقاف أي نصر تحققه أي جبهة عسكرية تماماً، كما حدث في الحديدة، أو فيما يتعلق بإصدار قرارات تعيين تخدم مصالحه الشخصية، بينما تفقد اليمنيين ثقتهم بالدولة، وتجلب الكراهية للتحالف، وتقدم خدمة مجانية للحوثيين.
رئيس لم يعد يقبل به أحد أو يعلق آمالاً عليه، فهو أصبح باختصار "عقيماً عن إنجاب أي قرار ينهي الحرب في اليمن".
*من صفحة الكاتب على (فيسبوك)