كنت صغيراً..
كنت أحب علي عبدالله صالح..
كنت أجادل من يكره الرئيس، آنذاك، كان الطرف المعارض يتحدث في كل مجلس عن عرض شوقي هائل للرئيس مقابل تعيينه محافظاً لتعز أن يحولها إلى مدينة تشبه دبي.
للعلم شوقي لم يعرض، اللهم أشاعوها للنيل من صالح، كنت أضحك رغم صغر سني، شوقي هائل لا يطمح بالمحافظة، شوقي أكبر من ذلك بكثير، المنصب مغرم بالنسبة له وليس مغنماً، ربما صالح ألح عليه كثيرا، قلت ربما فقط، شوقي من العائلة الأثرى في اليمن وأياديها بيضاء.
المهم، تنحى صالح عن الحكم، ثم تم تعيين شوقي هائل محافظا لمحافظة تعز، كانت خطوة جبارة من الرئيس هادي، رغم رفض شوقي للمنصب، لكنه لم يتخل عن مدينته.
أصبح المحافظ في مرحلة خطيرة وكما نعلم رأس المال ذليل، لكن شوقي ليس منهم، شوقي أسال ماله ومن خزانته مئات الملايين ليصنع قدرا جميلا للمدينة، وظنت الأحزاب أنها ستستغله، بدعوى الشرعية الثورية، لكنه أقوى ممن عرفوهم، وأعتى، وأصلب، وأنزه، وأجدر بذلك المنصب الذي كلله بالمثابرة.
أعود مجددا، بدأ شوقي هائل عمله بمنع السلاح في المدينة، قام بتفعيل حكم المحافظة المحلي واسع الصلاحيات، ترجم خبرته في إدارة مجموعة شركات هائل سعيد، على محافظة الفوضى، وضرب عرض الحائط بكل جوقات الدعاية السوداء، لم يلتفت لأحد، قرر تعيين مدراء العموم حسب اختبارات الكفاءة.. يالله، بدأت دبي تتشكل، بدأت ترتيباته لتجهيز ميناء المخا، أحاط نفسه بذوي الجدارة.
لكن شلة الفساد بدأت تصرخ، الذين استغلوا خبرية دبي ضد صالح وقفوا بكل قوة ضده، خونوه، وهو الأمين.. سرّقوه، وهو الأغنى من المدينة، خرجوا مظاهرات وحشدوا ضده القطيع، سموه شوشو، لم تسلم منتجات شركاته من الشائعات، الكل يعلم جودة المجموعة، عطاياها، مجموعته شيدت البنى، رفدت المحافظة، عالجت المرضى، جامع السعيد وكليته، كلية الهندسة في جامعة تعز، مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، وأشياء لا تعد، معونات لا تحصى، لكنهم صرخوا: منتجاتهم فاسدة!!
كرهوه، نسيوا أنهم زايدوا به ضد حكم الرئيس صالح، عانى منهم كثيرا، وحيكت الحكايات، وكثرت الأقاويل كي يرضخ، فلم يرضخ، حتى إنهم وقفوا ضد التعيين بالكفاءات، نجح الأجدر بمكتب التربية، فعينوا بأمر باسندوة الفاشل، وأمسى بيوم واحد شيطانا، لكن كيف تقنع المدينة التي تعرف شوقي، تعرف هائل، تعرف السعيد، أن المحافظ ليس فاسدا؟ المدينة تحبه، انتصر شوقي على شلة الضجيج، وطفق مجددا.
وفجأة، انسل الكهف من صعدة إلى المحافظات كلها، وقف المحافظ يستعيذ بكلمته لدى الجميع من المعركة، تعز يجب أن تنجو، هكذا قالها بملء الفم، لن نترك تعز للمغرضين من كل طرف، أو للمنتفعين، ورأسماله الجدارة، والمخلصون، وتعز معه لولاهم جماعة الربح من دماء الأبرياء، ففضل شوقي هائل مغادرة تعز على البقاء بين شلة السفلة من كل طرف، شوقي ليس دمويا، يهب بكل استطاعته الحياة.
حاليا، ولهذا كتبت هذا، تود المدينة الانحناء له عن بكرة أبيها؛ كي يرجع، يعود منقذا لتعز، ليس من الغرباء، بل من أبناء تعز، الجميع يهتف باسمه، عندما لمسوا البديل عرفوا حجم غيابه، في كل شبر عصابة، بكل ذراع جريمة، عجزت سلطة الأمر الواقع عن توفير مكانس لعمال النظافة يا سادة، تخيلوا، شوقي لم نكن بقدره، لم نستحقه، شوقي أعلى بمئات السنين الضوئية، يلبس ربطة عنق فقط.
لست خائنا يا شوقي، ولا هاربا، أنت صفارة السلام الدائمة، وهم صفارة الموت، والكارثة، أنت جهدت كيلا نسقط في فخ لا قاع له، وهم أسقطونا عنوة.
وجودك كان عائقا أمام سادة الحرب، وخروجك حتميا كيلا يكورثوا المحافظة باسمك، مواقيت كثيرة يجب النفاذ منها، تماما كما فعلت، لم تسم محافظا طمعا بمنصب، اذ اسمك أكبر من النياشين المزيفة، أو بثروة فما تملكه أثرى منهم جميعا، اللهم في مرحلة الفوضى قلت: أنا لها، وهذا لم يرض القلة.
القلة الذين ليسوا مثلك، يشربون من الأعناق الطفولية أنخاب الخيانة، يلتهمون أنامل الصغار على طاولات البيع، يمتون بصلة للجهات العارمة بالنكران، ديدنهم مذ ولدوا قطع الأياد التي تمتد لهم ولسواهم بالخير، فلا تبتئس، نحن نحبك، المدينة تنتظر لتعود، خطاك تدوزن الشوارع مجددا، وجودك سيذوب كل أشباه أشباه الرجال الذين تفاقموا مذ غادرت، فعد.
عد لتسترد العرش الرسولي وقلعته.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك