ينقضي الأسبوع الأول من العام الجديد 2020م ومعه يومان بوتيرة أحداث مرتفعة على الساحة الإقليمية والدولية، وأصبح المجتمع الدولي ينجذب إلى قضايا جديدة بمعطيات مختلفة وربما أجندة متغيرة أيضاً.
فتغيب كثير من الملفات عن الواجهة لصالح المستجدات المتسارعة، ويبهت التفاعل معها، بل الأشد من ذلك أن يتعامل معها المحيط كواقع وأنها حالة صراع دائم ومستمر!
بحلول العقد الجديد تقترب بلادنا من إتمام عامها الخامس في الحرب التي تسببت فيها جماعة التمرد الحوثية، وقلبت بها الأحداث رأساً على عقب..
خمس سنوات من العبث بوطن كامل من جبال صعدة وحتى أطراف المهرة.
خمس سنوات من جنون السلطة غير المشروع وتدمير مؤسسات الدولة.
خمسُ سنوات عِجاف بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اجتهدنا بنية وطنية مخلصة وصادقة عندما كنّا في السلطة، فتحررت في العام الأول عدن وجزء من مأرب والجوف بفضل الله والمخلصين من أبنائها ومساندة دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وأسسنا وعملنا لتتحرر حضرموت من قوى التطرف، وكذا انتصرت الضالع على قوى التمرد، ووقفنا في ذباب وباب المندب وعادت إلى حضن الدولة عدد من المدن والمناطق التي بات حالها اليوم لا يسر عدواً ولا صديقاً.
ولم تستطع نخب ما تسمى بـ"الشرعية" الحفاظ على أمنها كأقل تقدير، ناهيك عن بدء البناء وإعادة الإعمار فيها، والمؤسف أن كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع المجتمع الدولي وقيادة التحالف العربي!
قبل أن نطلب من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي أو الدول العربية وحتى مجلس الأمن بالعمل لإنهاء الحرب والانقلاب، علينا أن ننظر لأنفسنا أولاً ونقيّم ما قمنا به من أجل ذلك الهدف.
جماعة التمرد الحوثي ما زالت متشبثة بأطماعها وأحلامها السلطوية، وتحكم صنعاء وما حولها بالحديد والنار.
والشرعية المهترئة "الفاقدة للأهلية" تتصارع مع ذاتها، بعد أن انحرفت عن أهدافها الوطنية الكبيرة، وأصبحت تضعف يوماً بعد الآخر، وتبتعد عن الأرض والإنسان، وتخسر ثقة شعبها، وباتت تتعايش مع الظرف الصعب الذي تمر به البلاد برفاهية موجعة.
بهذه المُعطيات المؤسفة لن نصل إلى حل قريب، فأدوات السلام الداخلية تكاد تكون معدمة، ولا بد متى ما أردنا استعادة البلاد من صحوة وطنيّة نوعية توقظ ضمائر أهل الغيرة على وطننا الحبيب، فإمكانية إصلاح الشرعية من رأس الهرم إلى قاعه باتت سؤالاً كبيراً لا نستطيع الإجابة عليه بعد كل الذي رأيناه وشهدناه.
الحالة اليمنية معقّدة، وهذا صحيح، لكن بالإمكان حلّها متى ما ثار "الشباب" في وجه من يعبث بوطنهم ومستقبلهم، دعوكم من ثوّار مواقع التواصل الاجتماعي خارج الحدود، ولا تميلوا لكل "ثورجي افتراضي" يتاجر بمعاناة هذا الوطن ويقود جيشاً إلكترونياً من الوهم، أنتم حاضر هذه البلاد الحقيقي ومستقبلها الذي نأمل به ونأمن عليه.
ستكون البلاد في طريقها نحو السلام وإنهاء الحرب متى ما تضافرت جهود النخب الذين لم تتلوث صفحاتهم بهذه الفوضى التي عصفت بالبلاد..
ستتعافى البلاد متى ما صدقت النوايا وسقطت مصلحة الفرد أمام مصلحة الشعب.
ذات الأدوات تعطي ذات النتيجة غالباً..
فهل يحمل العام الجديد ما هو جديد فعلاً؟!
كل عام والوطن وأنتم إلى خير
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك