القائد الوحيد
الذي كان بخطاب واحد يخرج الشعوب، خطاب واحد يكسر الحدود ويجعل للحلم والجرح صوت عربي.
الرجل الوحيد
الذي تخطى ثقافة خير أمة، ومد يده للشعوب الملونة، لتحريرها من الاستعمار.
الرجل الوحيد
الذي أغرقته اليمن، بحروب استنزافها واسهمت في النكسة، وما قال آه، أو ندم على دعم شعب الفقراء.
الزعيم الوحيد
الذي تختلف معه في شق، ثم تبكيه إن توارى عن ناظريك وغاب.
إنه جمال عبد الناصر.
تحية لذكرى ميلاد البطل.
لكن للأسف ما زال هناك من لديهم ذاكرة مغلقة، ببوابات من حديد مصفح، اسمه الكره.
لم ينسوا جمال عبد الناصر، بعد نصف قرن من الرحيل، وما زال ماثلاً أمامهم، لم يشف غليلهم، تعليق أكثر من شعب، على المشنقة، وتسليم أكثر من وطن، لدروب التيه ومتاهات الضياع، بل ما زال لديهم الكثير من الكره، يبخونه في كل مكان وزمان، وضد كل اتجاه.
* * *
هم لا يرفضون أن تكون عميلاً، هم ليسوا ضد أن تبيع وطناً، وتشتري وهم الخلافة!
هم ليسوا ضد أن ترتزق، وتسجل اسمك في قائمة، أستور ومستودع أحذية العمالة المستعملة، هم ليسوا ضد أن تقتات، من القتل باسم الممول، أن تنفذ أجندات السفالة، أن تستبدل طهر انتمائك للوطن بكعب شيك ورصيد.
هم ليسوا كل ذلك، مشكلتهم هي في جغرافية العمالة، أن لا تكون عميلاً إماراتياً سعودياً، وكن عميلاً تركياً قطرياً، واغطس حتى فروة رأسك في أوسخ برميل ارتزاق.
فقط كن عميلاً على المقاس، توجه القبلة وأسفح دم كرامتك، كن معنا وبعيداً عن الإمارات، اذبح شرفك الوطني، حلالاً على الطريقة الإسلامية!!!
لعنة السماء والأرض، على كل مواخير البغاء السياسي، بيع الضمير، والرشى، من أي مصدر أتت، وإلى أي بطن تصب وتضخ إمجال النتانة.
* * *
“أنت تكره الإسلام، كرهك للإصلاح، دليل أنك تستلم من الإمارات”..
مثل هذا التفكير الذي يدمج بين حزب بشري وبين الله، هو ما يجعلنا نرى فيكم مغتصبين للحكم، دخلاء على الله، شبقين تجاه ملذات الدنيا، مقترين على الناس، مضيقين عليهم رغد العيش وأبسط سبل الحياة.
أن تدمج نفسك مع الله، يضع ناقدك أمام اعضائك في مأزق قد يقود ناقدك إلى القتل.
تربية اعضائك بأن حزبكم هو الدين الحق، وما دونه كفر وهرطقة، هو ما يجعل الناس تنفض من حولكم، تفصل وجدانياً، حتى وإن ادعت تحت خوف السلاح، أنهم من الأنصار والمريدون والاتباع.
بمد أيدي عقولكم لنهب السماوي، وضعه في جيب القميص وتحت العمامة، وبين حبات السبحة، هو ما يجعلكم، حزباً فاشياً تكفيرياً إقصائياً، يقود البلاد إلى أكثر من مشواة وسفود وكارثة.
يا هؤلاء..
أنتم لستم الله،
أنتم مجموعة باسمه تخطفون، شعباً وتدمرون مستقبل وطن.
أنتم لستم الله،
أنتم لصوص المقدس، وتجار الدين، ونهابة شحة حيوات وضنك الدنيا باسم الآخرة.
أنتم لستم الله،
أنتم ميلشيات موت وإن أكلت السجدة كل لحمة الجبهة، وتدلت حتى السرة والخاصرة.
أنتم لستم الله،
أنتم لصوص أراض، وأئمة عقار، قتلة ومنتهكو الصغار، ترويع الناس وخطف الصالحي، دعاة حرب وفيد مدن، انتهاك حقوق، وتعد على خصوصيات، وغنيمة بلاد.
أنتم لستم الله،
فلا تدعوا من يطالكم بالنقد كافراً، وعدواً للدين، وخصم السماء.
أنتم لستم الله،
أنتم ميلشيات قتل، ومن لم يخرج عليكم شاهراً قهره وجوعه، فقد تخلى عن إنسانيته، باع مستقبل أطفاله، إثم وبعده كفر.
* * *
كي يمضي شباب الإصلاح، ويحيلوا حزبهم إلى حزب سياسي مدني، يكب في أقرب مكب، موروثات الفتاوى، وإرث التكفير وإدارة الصراع على خلفية الدين،
كي يتخلق من رحم هذا الشائخ الشائن، جسم صحي غير مبكتر، بكره الحياة والانتصار للموت،
كي يخرج شباب السياسة في الإصلاح، من بين أنياب وأضراس الحرس الديني وحراس بوابة الفضيلة،
كي يتحرر الشباب المسيس، من سطوة الكهانة، والدقون الكثة المصبوغة، بالكره الأعمى الأحمر، والعقول الرثة في إدارة الراهن لصالح الماضي، وتأميم المستقبل لصالح ألف عام مضى،
كي يستحق هذا الجيل الجديد، الذي لم يلوث بفكر الفتوى والتديين القسري، وعقلية الفرقة الناجية،
كي نخلص إلى فصل كامل بين الدين والسياسة، بين الأرضي والسماوي، بين حرية العبادات والإيمان، وبين التعسف بالإقناع عبر هراوات الإكراه.
لكي تحدث عملية تغيير شامل، في الفكر السياسي للإصلاح، على الخميرة الشابة المدنية المسيّسة، ان تراكم داخل بُناه، أسباب التغيير، ان تزيح الصف الأول المشيخي المذهبي، من الواجهة وتتصدر المشهد، ان تصنع انقلابها المدني، ضد هوامير الإثراء باسم الدين، وشن الحروب باسمه، وفرض سطوتها في الحزب والمجتمع باسمه، وقتل الجميع باسمه.
استلمت رسالة على الخاص، تبارك النقد، وتطلب العون، وتؤكد أن عملاً تغييرياً شبابياً، يتشكل وسط الإصلاح، يراكم ممكنات الخروج، من نفق الكهنوت الديني، إلى فضاء ورحاب السياسة.
دعونا نتفاءل، وإن كان بصعوبة تصل حد، ربما، الاستحالة.
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك