عبدالحليم صبر

عبدالحليم صبر

تابعنى على

إجازة الرئيس

Saturday 15 February 2020 الساعة 06:00 pm

أخذ الرئيس "بوش" إجازة أسبوعا كاملا لقراءة كتاب "قضية الديمقراطية" للكاتب والسياسي المنشق السوفييتي السابق ووزير شؤون يهود الشتات الإسرائيلي "ناتان شارانسكي"، حسب ما أكدته وزيرة خارجية بوش ـ حينها ـ عندما دخل "ناتان شارانسكي" إلى مكتب "كونداليزا رايس" ووجد كتابه على الطاوله، وقالت له: "قد تتساءل لماذا أقرأ هذا الكتاب؟ لقد قضى الرئيس إجازة الأسبوع في قراءته، ويجب عليّ أن أعرف كيف يفكر الرئيس".

وبعيداً عن الكتاب الذي أصبح محل اهتمام كبير لدى السياسة الأمريكية في رسم خريطة تشكيل العالم وفق مزاج الهيمنة المستبدة التي تجعل من التفوق الأمريكي(..) هدفا استراتيجيا.. دعونا نفكر قليلا، بما فعله ويفعله الرئيس هادى في الخمس السنوات (العجاف) التي قضاها خلال إجازته في الرياض.

مما لا شك أنه لا وجه للمقارنة بين الرئيسين، وسأكون أمام مقصلة التأريخ إن فعلت، ولكنني أحاول البحث عن المقارنة بين إجازة الرئيس (..) الذي ذهب يقرأ الكتاب ليدمر العالم من أجل الحفاظ على بلده، وبين إجازة الرئيس الذي ذهب لتدمير بلده من أجل العالم.

في حديثه (عبدربه منصور) مع صحيفة الرياض بتاريخ 27/5/2017م عندما سأله الصحفي هاني وفا: هل ما زال الحل السياسي مطروحاً على طاولة النقاش؟ يرد هادى بكل استهتار: "عملياً الحل السياسي بدأ منذ المبادرة الخليجية. وأضاف، إن خطتنا لاستعادة صنعاء ترتكز على الضغط، وتجنبنا خسائر بشرية ودمار نسعى لتجنبه كثيراً".

وأجد في حقيقة ما قاله "منصور هادى" وهذا ما أثبتته الثلاث السنوات الماضية، أن الأفق الذي يجيده هو أفق الفوضى التي تتيح له تأديب المجتمع اليمني بالطريقة (الإسلامية).. فهو بعقلية القبيلة يقود هادى حربه في مأرب، وبذهنية داعش يقود حربه في البيضاء والجوف وشبوة، وبالنفس المريضة والحاقدة يدير حربه في تعز، وبنهج الجنجويد والعصابات يدير حربه في الحدود اليمنية السعودية، وبعقلية المنتقم يدير الجنوب، حتى تحول إلى شخص منزوع منه الذاتية اليمنية.

كان هدف تسليم السلطة لـ عبدربه منصور خلال ثورة فبراير، النجاح فيما فشلت فيه السلطات السابقة والحكومات المتعاقبة وتجنيب اليمن ويلات الحروب، وفي مقدمة ذلك، شكل الدولة القادمة، وتكتيكاً، عملية إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، لكنه ــ وهذه حقيقة تغافلها الجميع وتعمدوا تمريريها لصالح التقاسم الحزبي للسلطة والحقائب الوزارية ــ ذهب في فرض ستة أقاليم، متجاوزاً رؤى الحوار الوطني، ثم وبدلاً من إقالة القيادات التي لا تخضع للأوامر العسكرية وخصوصاً قوات الحرس التي تميزت بقوة وجاهزية عالية، ذهب في تفكيكها لصالح المزاج السائد للإخوان (الانتقام) متخذاً من نظرية التفكيك التي تحدثت بها "كونداليزا رايس" في خطابها عن "الفوضى الخلاقة" بعد الربيع العربي، متخذاً مساره لتدمير المجتمع اليمني.

وبالمناسبة عن الجيش العائلي، ماذا فعل هادى؟! غير أنه دمر (الحرس الجمهوري) وجاء لنا بقوات الحماية الرئاسية بقيادة جلال ابنه، وفي تعز جاء لنا بعائلة سالم وفاضل وسرحان، وفي مأرب أعاد علي محسن والأحمر، في المقابل فرط بالقيادات الوطنية الصبيحي واليافعي وعدنان طابور طويل من الشرفاء ممن وقفوا بصلابة في وجه المليشيات الانقلابية.

يقضي هادي إجازته بالرياض في استغلال جهده وطاقته بتصفية حسابات الماضي وأحداثه وأدار معاركه في الحاضر من خلال استحضار الماضي، إلى جانب ذلك، يدأب ببراعة مع قدر كبير من توسيع وتمديد الحرب، بالإضافة إلى تشويش الغاية العامة للحرب مستغلاً ظروف الشعب اليائسة والبائسة حتى أصبح سلاحه لا يطلق رصاصاته إلا لصدر الشعب.. لأنه يدرك تماماً أن انتهاء الحرب ستلقي به في غياهب اللعنات.

هادى أصبح هجيناً من الفوضى والحقد، وهذه قناعتي منذ أن صعد للسلطة، ولا يكفي لإنهاء هذه الحرب وتحرير البلد من الانقلابين إلا بتقاعد بندقية هادي وتجميد قراره أولاً وثانياً وعاشراً.