كان يمكن لمعركة بين المشتركة والمحور أن تحرق انتصارات الساحل وأن تفتح أبواب مأرب للحوثي وأن تسلم للحوثي كل شيء.
المواطن تحت سلطة الاحتلال أرهقته السياسات والخلافات البينية، تلاشى إيمانه أو كاد يتلاشى وهو الذي عند بدء تحرير الحديدة بدأ يمسح الغبار عن سلاحه لقرب لحظة الخلاص من الحوثي ثم فجأة توقفت الحرب وبقي بلا أمل يمني نفسه بمعاودة التحرير، ولكنه فجأة رأى أن هناك نذر معركة سوف تحدث بين المحور وبين القوات المشتركة في الساحل الغربي بعد عجزهم عن الإيقاع بين فصائل المشتركة، المواطن فقد إيمانه بالنصر..
المشكلة الكبيرة لم تكن بين الساحل ومحور تعز، الإشكالية تمثلت بانتزاع إيمان الجماهير وسلب وردة الجمهورية من أوردتهم والاعتقاد أن الحوثي واقع لا مناص له ثم أن تنسحق طوابير الرجال تحت مكب الحوثي إلى جبهة القتال طالما نحن في واد مختلف، للاقتتال.
كان يراسلني أثناء العمق الخلافي بين المشتركة والمحور، يقول لي: رحتم تحرروا البلاد من الحوثي والآن ستقاتلون بعضكم وسوف يكسب الحوثي، فقد أمله في النصر الجمهوري وكان يشتمني كل لحظة، وثانية، شتيمة المحب المعاتب وكنت أحدثه أنني لست فلانا وفلانا حتى تعاتبني، أنا، أنا.
بالأمس، أتاني ذلك الشخص بأمل جديد وحدثني عن المنجز، بل وجعلني أشمخ بالذي حدث أكثر مما كنت عليه بعد قوله: كنا فقط نراقب ونريد أن ينشغل كل طرف بجبهته فلا أعداء ولا أصدقاء، ولكن الآن صرتم أصدقاء بهوى واحد فكيف حدث ذلك، بهذه الصورة.. وأقسم لي إن إيمانه عاد إلى ذروته الأولى.
ما سر الانقلاب الواقعي للحدث الملحمي بظرف طرفة عين من أتون معركة بين رفاق الجمهورية إلى تصافح حار بين الرفاق ذاتهم أصابت المشاهد بحول عينيه؟
كان الحوثي يستطيع لولا غروره أن يوجد معركة بين الجميع ويقف ليتفرج وأن يكتفي فقط بما لديه ولا يذهب للاستهانة بالرجال ويهاجم مأرب ويفكر هنا، ويقتل هناك ويمد جبروته على النساء إلى حد تحقيق العذرية، لكنه تمادى وتجبر وكانت هذه الصورة الملحمية.
ثم حنكة طارق، الذي في أعمق النذر التحريضية والتهيئة للحرب البينية كان يعمل على صناعة نقطة لقاء من العدم، وكلما اشتدت من تعز يذهب ليوفق بين الكل في مأرب، حيث يلتقي الجميع، وكلما حاولوا إجباره على قرار لعين يلعن الجغرافيا والوطنية يمد يده بكل بطولة لهم إلى كلمة سواء وإلى بندقية سواء.
الخطاب وقود كل معركة خاصة بمجتمعات الجهل وتفشي الأمية، يجب ألا تغفل الخطاب الإعلامي الذي يحقق لك نتيجة مربحة، وهذا الذي فعله طارق.
فهو لم تجبره الظروف أن يقف وقفته تلك مع قيادات تعز التي تكرهه بل رسم خطته لتوحيد جهود الجبهات منذ أول طلقة بإعلام رسمي منضبط لم يحدث أنه تطرق في مواقعه الرسمية لأي خلاف بيني ونال ونشر وقلل من الجبهات الأخريات ابدا.
عانيت مذ جئت إلى هنا من تعز بكل حريتي التي تسمح لي الكتابة عن كل شيء، ولكن في ظل تواجدي هنا تعلمت أنك لا يمكنك لتكون ضمن جبهة عسكرية مرتبة أن تثرثر وتكتب وتقول ما تشاء سواء عن جبهتك أو جبهات الآخرين أو عن أي شيء، فلكل حدث حينه ولا مناص لك من قبول الواقع أو الذهاب بعيدا.
أتحداك، أيها القارئ، أن تجد سبة أو انتقاصا أو تحريضا أو خطابا موجها من إعلام قوات الحراس في الساحل ضد محور تعز وضد أي مكان جمهوري مهما بلغ كرههم لطارق، وكثرت قصص زيفهم، وتكاثفت تحريضاتهم، أتحداك.
تواجده منحه هذه الرمزية، أن يقف معك بصعيد واحد ويرقب كل شيء وتشعر أن أي شيء الحسن والقبيح تحت نظر القائد لهو الدافع الأولي كي تحسن وتترك القبيح في الأشياء كلها، هذا عامل أساسي لهذا المنجز.
لا ينام، تحت نظره كل شيء، توقف عن مضغ القات، نعم توقف، فمكانه الحساس يجعله في حاجة لسلامة تفكيره من كل الهواجس وكل المؤثرات. فرجل لا يخزن تتساوى كل مشاعره وتندحر عواطف القات التي تتسبب بكوارث كبيرة يدركها الإنسان متى توقف عن التخزين.
منح نفسه برجية تخدم المعركة، ليس من السهولة الوصول إليه، أن يلتقيك فهو طيب المنى وأن يراسلك وأن تصافحه لهي الغاية، فأنت أمام شخص لا تنام خوفا ألا تستيقظ إذا معك لديه موعد، فتنام قبل الموعد. ومن هذه أوجد لنفسه الكاريزما المدهشة التي تحببه للناس.
فثمة مواقيت يجب ألا تبيح روحك للناس بسهولة. فالناس إن تواضعت معهم أكثر من اللازم استهانوا بك وإن حدث ذلك ضعت.
ما سبق ليس كل شيء بل جزء من الشيء الجمهوري الذي جعل من احتمالات المعركة لقاء حارا بين تعز والساحل الغربي، الجدارة.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك