عبدالسلام القيسي
رسالة لراقص بار في تركيا: لا تبع يمنيتك ولا تذم الناس بصمودهم
مني أنا الشارد في الساحل الغربي الى مصطفى راجح في مراقص تركيا اللامعة، قبل وبعد، كل الأشياء سواء.
كتب مصطفى راجح "كان على علي عبدالله صالح أن يبقى في السعودية أو امريكا أو اثيوبيا التي عرضت عليه وبكامل ثرواته!!".
كائن مثقف، من زمرة المثقوفين، في لحظة البلاد الحرجة والذين أعلتهم عواصم وقنوات ودولارات الممولين يكتب كوحي منزل ضد صالح ويتهمه بالبقاء في بلده، يتهمه برفضه مغادرة مأواه!، ومتى أصبح البقاء ببلدك تهمة؟
نقطة فقط في مقال راجح هي التفسير الحقيقي للخلق المشوه الذي أولدته فوضى الربيع العربي، ولا أدري كيف يستطيع أن يكتب مقاله بهذه اللهجة التي تناقض شريعة البلاد وشريعة الانسان وتقف بالضد ضد كامل اخلاقيات البشري الذي يموت في سجن بلده من الخروج خارج طينته الأولى.
منطق يدل على بلوغ النفس الحالية مبلغاً شديداً من الخيانة، وانسلاخ أرواح الذين في الخارج انسلاخا كاملا عن الأعراف وعن يمنيتهم.
أهي تهمة أن تفضل البقاء في بلدك؟
تهمة علي عبدالله صالح الذي رفض المغادرة الى أمريكا، الى اثيوبيا، هذه تهمة، من صعلوك يتهادى في شوارع تقسيم ومن اكسراي الى السلطان أحمد، تهمة ان تبقى تعانق حقيقتك!
الى أي مدى بلغ الخلل في الفكرة الجمعية لكاتب المقال ولمن شارك المقال ولمن يعلق بالامتنان ويؤيد كاتب المقال، ويعجب برأيه.
يريد مصطفى راجح أن يقول والقول أهوج: على اليمني الذي يقاتل الكهنوت أن يفكر بالخروج من هذه البلاد الى أي دولة في العالم ويترك للحوثي هذه البلاد، كما قال على علي عبدالله صالح الذي برأيه فوت الرأي الصحيح في المغادرة وبقي في صنعاء، أصبح لعيناً!!.
لماذا يا صالح لم تغادر الى المغرب وتراقص الجميلات؟
لماذا لم تذهب الى اسطنبول كي تشرب نخب الحداثة في بارات التركي؟، ولماذا لم تذهب اثيوبيا لتخزن بأعمق أعماق الكيف وبأجود القات وبأجمل المناظر، ولماذا لم تعش بقية حياتك في أمريكا؟ هناك في لوس انجلوس أو في نيويورك أو ديترويت، لماذا يا صالح؟
لماذا بقيت في بلادك، تشارك اليماني فزع الحرب، وتأكل مما يأكل الفقير اليمني وتنقطع عنك الكهرباء ككل يمني، وتتكفل مما تملك بيمانية كبيرة، وتحافظ من قوتك على بقاء اليمني، وتمنع تجريف السلالة للهوية اليمانية؟
لماذا بقيت يا صالح في هذه البلاد ولم تذهب الى حيث هي توكل والى حيث هو مصطفى راجح والى حيث هم، كل هؤلاء فسقة الحرب؟، في عمان مثلا أو في سويسرا أو في الدنمارك أو في موناكو بيخوت وابراج وجزر ذهبية؟
تخيلوا لو أن صالح غادر هذه البلاد وحجم التركة الشعبية من انصار صالح التي ستؤمن ايمانا كاملا بالحوثي رغم ان الحوثي سطا على جزء كبير من التركة تلك، ولكن بقاءهم ليس نابعا من القلب وإنما من المخافة فقط.
لو ان صالح غادر البلاد حسب كلام مصطفى راجح، هل تتشكل قوات الساحل الغربي؟ لا.
هذه القوات الكبيرة تشكلت ببقاء صالح، ولو لم يكن بمشهد البلاد لكان كل هؤلاء اضافات نوعية للحوثي في جبهاته من فرط خصومتكم لهم، هؤلاء وهم أشجع الرجال لولا بقاء صالح لرموكم بشجاعتهم. فلماذا بقي صالح ولم يغادر بلده اليمن، لماذا استشهد؟.
بقي ليموت وليضخ الثورة الحقيقية في أوردة الشعب، وكي يخلخل صف الكهنوت وقد فعل، فلولا الخلخلة التي أحدثها في صفوفهم هل كانت ثمة يمن من جراء تهاونكم في حربهم؟.
متى أصبحت المكرمة مذمة؟
راجح يسيء لنفسه ولمموليه ولفكرته، وأظنه يريد أن ينصف صالح من حيث لا يدري، عفاشي متخفٍ يريد أن يكتب لصالح علي عبدالله صالح، فشكرا لك يا راجح على هذا الانصاف الكبير وعلى هذه اللفتة المهمة التي ترجمت حقيقة اليمني الأخير، صالحنا الكبير.
يشتمونك، كل من قرأ المقال، يشتمونك رفاقك اولاً، فأنت هنا ورغم سوء نيتك قلت المكرمة التي لا تغيب عن صالح وهي مكرمة البقاء، وشجاعة الرجل وتمازجه ببلده وشعبه ورجاله.
لسنا مثلكم، الأول استشهد قبل رجاله، بل وبدمه حمى انصاره لا احتمى بهم، الثاني يقود قواته من بين القوات في هذا الساحل والثالث نريد أن نزيل الاقامة الجبرية عنه ليعود الينا نتشارك السراء والضراء كما تشاركناها مع والده ووالدنا الشهيد صالح، نحن كبار، كبار.
أما أنت، أما أنتم!
الكبير خارج البلاد، وهاكم اليدومي، والصغير خارج البلاد وهاك أنت يا مصطفى راجح، فلا أنتم ربحتم البقاء ولا ربحتم في غربتكم الصمت، أنتم لا شيء، أنتم الصفر، واللجوء.
كتبت لك هذا يا مصطفى راجح، من المخا، في الساحل الغربي، وبجانبي ابناء تعز وذمار واب وصنعاء وريمة وتهامة وعدن وأبين والبيضاء ومأرب وحجة والمحويت وكل تشكيلة هذه البلاد وفيما كتبت أنت ما كتبت وبجانبك الشقراوات من بلاد الاوزبك والاذر والترك في بلاد سترميك بأول منعطف الى البحر ولن تجد مكاناً تعود اليه، أو بلادا تلمك.
نحن هنا فأين أنت؟
نحن اليمن فمن أنت يا رجل؟
مجرد قفاز لتوكل، كاتب سيئ وهارب بلا ملجأ ومتركن يتلفت يمين يسار خوفا من الشرطة المحلية للبلد الذي أنت فيه بعد أن حدث التقارب بين الأقطاب من الخليج الى الأناضول، من أنت يا رجل واين وكيف أنت؟
تعال يا رجل، مر من هنا؛ لتدرك غربتك التي لمعتها الدولارات، لا تبكي يا رجل، أظنك بكيت، مهما قلت فأنت منا ولن نتخلى عنك واذا أردت سوف نواسيك هنا بمكان آمن لتشعر بيمنيتك، تعال ولا تبع نفسك للكرمانية.
يهمني ألا تفقد يمنيتك، تهمني افكارك، أقسى شيء أن يتخلى المرء عن يمنيته وأن يكتب أي يمني شاتماً من فضل البقاء في بلاده وينحني لمن فر وهرب الى البعيد، ثمة خلل في عقلك الذي تحمله، وأظنه سقط بمراقص العاهرات، فتعال نعطيك غيره، كي نيمننك.
حاصل الكلام، ليس دفاعا عن صالح، بل انقاذا لك، لا تتخلى عن بلادك ولا تذم الناس بصمودهم يا رجل، اقرأ وتمعن ايها الطفل.
والسلام على اليماني الصالح.
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك