محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

هل تتفاوض السعودية مع إيران بخصوص اليمن؟

Thursday 21 October 2021 الساعة 04:38 pm

الحديث عن حوار سعودي - إيراني هو حقيقي، نجد ذلك من خلال التصريحات لوزير الخارجية السعودي وكذلك تصريحات وزارة الخارجية الإيرانية عن إيجابية المباحثات بين البلدين، هذا الأمر هو إيجابي وسوف تنعكس لو تمت وخرجت هذه المباحثات بنقاط إيجابية، على المنطقة وتحدث تهدئة للتوتر وانخفاض حدة الصراع.. لكن السؤال ماذا عن اليمن؟.

الحوار الذي يجري الآن بين السعودية وإيران هو مصلحة إيرانية بالدرجة الأولى وخاصة بما يتعلق بجماعتها في اليمن المتمثلة بمليشيات الحوثي، لأن الوضع العسكري في شمال اليمن يصب في مصلحة إيران وميلشياتها التي تسيطر على صنعاء، لأن حوارا في ظل هذا الوضع الميداني لن يكون إلا على حساب السعودية ومصلحتها، حيث تعتمد الأخيرة على قيادات الشرعية التي يكون أغلب قوامها من جماعة الإخوان "حزب الإصلاح"، هذه القيادات هزيلة وينخرها الفساد ولم تستطع أن تحقق أي انتصار بسبب الفوضى والبحث عن المصالح الشخصية والتكسب من الحرب.

جماعة الحوثي على أبواب مأرب بعد أن سيطرت على ثلاث مديريات في محافظة شبوة التي تسيطر عليها جماعة الإخوان، وتم تسليمها بصورة دراماتيكية من أجل حماية قوات الحوثي من أي تعزيزات قادمة من ناحية الجنوب لمساندة القبائل التي تقاوم في مأرب، ومع كل تقدم للحوثي تضيق الخيارات أمام السعودية وتتقلص فرصها في أي حوار مع إيران التي تتبنى الحوار بدلاً عن الحوثي، وتعبر عنه وعن سياسته الداخلية والخارجية.

ليس أمام السعودية خيارات من أجل تحسين الوضع الميداني لصالحها، إلا أن تعيد سياساتها التي تعتمد عليها في اختيار الأطراف المحلية التي يجب أن تقف معها، وأن لا تذهب بعيداً عن القوى الحقيقية التي تمتلك مشروعاً حقيقياً للعودة إلى صنعاء ولا تزال قياداتها في الميدان تحمل البندقية وتقاتل، هذه القوى العسكرية تتمثل في القوات المشتركة في الساحل الغربي، وكذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، هذه الأطراف لها تجارب في الميدان ناجحة ولها قيادات منضبطة، يمكن للسعودية أن ترسم ملامح الانتصار وكبح جماح الحوثي عبر هذه الأطراف.

استمرار السعودية في دعم قيادات الشرعية هو استمرار لحصد الهزائم، واستمرار لمنح الحوثي الفرصة للتقدم في مأرب والتوغل في الحدود السعودية للضغط عليها خدمة لإيران، وسوف يشكل استمرار تمسكها بقيادات الشرعية المتواجدين في فنادقها نوعاً من الإحراج أمام الرأي العام الدولي، وخاصة أنها لم تحقق أياً من الأهداف التي على أساسها انطلقت عاصفة الحزم، على الرغم من الإمكانيات الضخمة وملايين الدولارات التي صرفت لها من أجل إنهاء الانقلاب والعودة إلى صنعاء.

استمرار السعودية التمسك بقيادات الشرعية لن يمنحها القوة التفاوضية مع إيران، ولا يحقق أي هدف إيجابي يمكنها أن تنطلق منه للحوار مع إيران بقوة ضاغطة تجبرها على الانصياع، لأن الوقائع والميدان يصب في صالح إيران، وأي حوار وتفاوض على الملف اليمني في ظل هذه الأوضاع هو انتحار سعودي وتثبيت للخنجر الإيراني في خاصرتها عند حدودها الجنوبية، لذلك لا بد من تغيير مسار المعركة واجتراح النصر وقلب مسار المعركة نحو صنعاء وتحجيم قوة ونفوذ الحوثي، ولن يكون كل ذلك في ظل ما ذكرناه سابقاً، أي التمسك بقيادة الشرعية التي ينخرها الفساد المهول.

لا يجب للسعودية التفاوض الآن مع إيران في الملف اليمني، على الرغم أن الحرب في اليمن أصبحت مؤرقة لها إلا أن التفاوض في هذه الظروف هو تتويج الهزيمة وتثبيت الواقع الإيراني في شمال اليمن، لذلك لا بد أن تعيد نظرتها وسياستها في دعم الأطراف المحلية التي لم تنخرط في فساد قيادات الشرعية ولا تتواجد في فنادق الخارج، وتقوم بالتدخل بشكل قوي وسريع وخاطف لتغيير مسار المعركة، حيث والقوات المشتركة وكذلك قوات المجلس الانتقالي مستعدة ومهيأة بشكل جيد لخوض المعركة والتحرك نحو عمق الشمال وصولاً إلى صنعاء.