اليمن.. تحذيرات أممية من فيضانات مدمرة خلال الأسابيع القادمة

السياسية - Monday 25 August 2025 الساعة 09:27 pm
عدن، نيوزيمن:

في مشهد مأساوي يتكرر كل عام، دفعت الأمطار الغزيرة التي هطلت على شمال غربي اليمن خلال اليومين الماضيين عشرات الأسر إلى العراء، بعدما جرفت السيول منازلها وأتلفت ممتلكاتها، لتضاف معاناة جديدة فوق معاناة الحرب والفقر المستمرة منذ سنوات.

وكشفت الأمم المتحدة عن تضرر 180 أسرة في محافظتي الحديدة وحجة جراء هذه الأمطار. وقالت مفوضية شؤون اللاجئين (UNHCR) في بيان إن فرقها الميدانية سارعت إلى تنفيذ عمليات استجابة عاجلة لتوفير المساعدات الإنسانية الأولية للأسر المتضررة، مؤكدة أن التقييمات الأولية أظهرت حجمًا واسعًا من الأضرار، وأن الجهود مستمرة لتأمين مأوى مؤقت ومستلزمات أساسية للضحايا.

في حين أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تحذيرات من مخاطر أكبر في قادم الأيام، مشيرة إلى أن ذروة موسم الخريف هذا العام تشهد هطول أمطار فوق المعدل الطبيعي في المرتفعات الغربية والوسطى، مع امتدادها نحو السواحل. وأوضحت الفاو أن محافظات إب وتعز وحجة وصعدة، إلى جانب أودية سردود وبني قيس ورماع وحرض، مصنفة ضمن المناطق عالية الخطورة، حيث تزداد احتمالية وقوع فيضانات جارفة وانهيارات أرضية تهدد القرى والمزارع والبنية التحتية.

ودعت المنظمة المزارعين والرعاة إلى اتخاذ تدابير وقائية عاجلة، مثل تجنب عبور الأودية المغمورة، ونقل الماشية إلى مناطق مرتفعة، وتعزيز قنوات التصريف الزراعية، محذرة من أن انهيارات أرضية قد تعزل قرى بأكملها.

وفي تقرير موسع صدر أخيرًا، حذرت الفاو من أن الأمطار الغزيرة قد تؤثر بشكل خطير على الزراعة، إذ يُتوقع تعرض أكثر من 113 ألف هكتار من الأراضي الزراعية لمخاطر فيضانات عالية، تمثل نحو 8% من إجمالي الأراضي المزروعة في البلاد حتى يوليو 2025. وأكد التقرير أن المحاصيل الرئيسية مثل الذرة الرفيعة والدخن تواجه خطر الفشل، مما يهدد الأمن الغذائي في بلد يعيش فيه ملايين الناس أصلاً على حافة المجاعة.

وتزداد المخاطر مع التوقعات بأن يصل معدل هطول الأمطار إلى أكثر من 300 ملم من صعدة شمالًا حتى إب وتعز جنوبًا، ما يعني فيضانات مفاجئة واسعة النطاق قد تدمّر الأصول الزراعية وتقطع طرق الإمداد.

وأشار التقرير إلى أن السيول قد تطال أكثر من 880 ألف رأس من الماشية، وهو ما يعادل 5% من الثروة الحيوانية في البلاد. هذه الخسائر لا تقتصر على النفوق المباشر، بل تشمل أيضًا تفشي الأمراض بين الحيوانات الناجية نتيجة تلوث المياه وسوء الخدمات البيطرية، ما يزيد من هشاشة الأسر الزراعية الرعوية التي تعتمد على المواشي كمصدر أساسي للغذاء والدخل.

وشهدت محافظات عدن ولحج وحضرموت وشبوة والحديدة وصنعاء سيولاً مدمرة أسفرت عن وفاة وإصابة العشرات، وألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية والطرقات ومخيمات النازحين. وتؤكد منظمات إنسانية أن الأسر المتضررة غالبًا ما تجد نفسها بلا مأوى ولا مساعدات كافية، خصوصًا في ظل محدودية قدرة السلطات والمنظمات على الاستجابة السريعة لجميع الحالات.

وفي ظل هذه التحديات، شددت الفاو ومنظمات إنسانية أخرى على ضرورة تجهيز خطة طوارئ شاملة تشمل: مراقبة مستويات المياه بشكل مستمر، وتوفير مياه شرب آمنة وخدمات صحية عاجلة، وضمان وصول الإمدادات الغذائية والدوائية للمناطق المنكوبة. كما دعت إلى الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر والبنية التحتية المقاومة للفيضانات، محذرة من أن غياب هذه الإجراءات سيجعل أي موجة أمطار جديدة كارثة مضاعفة على اليمنيين.

ويرى خبراء المناخ أن الوضع الحالي ينذر بتفاقم أزمة إنسانية مركبة، حيث تتقاطع الكوارث الطبيعية مع الأزمة الإنسانية والسياسية التي يعيشها اليمن منذ سنوات. فالأسر التي فقدت منازلها أو مزارعها أو ماشيتها تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الفقر وانعدام الأمن الغذائي، بينما تفتقر البلاد إلى مؤسسات قادرة على احتواء هذه الأزمات أو التخفيف من آثارها.