حراس الجمهورية.. سطور من حكايا التأسيس

السياسية - Friday 20 April 2018 الساعة 09:27 pm
فتحي الباشا، نيوزيمن:

على غير العادة لم يتم تجميع تلك القوة العسكرية الضاربة بإعلان في صحيفة رسمية ليصطف بعدها الراغبين في طوابير طويلة أمام لجان لاستقبال ملفاتهم وفرزها ثم اعلان المقبولين منهم بعد الكشف الطبي وطلبهم لفترة تجنيد ثم اصدار ارقامهم العسكرية.

توجه 100% من قوام هذه القوة العسكرية للمجهول حاملين كفنهم وبطائقهم العسكرية باعتبارهم ضباطا وافراداً في الجيش الذي تعرض لمسلسل استهداف ممنهج ومؤامرات مُركبة منذ ربيع العام 2011 ميلادية.

لم يخرج هؤلاء الرجال الأفذاذ لنزهة.. فقد حمل كل منهم رأسه على يده عندما قرر الخروج من صنعاء وذمار وعمران وحجة والمحويت وتعز واب ولحج وأبين والضالع وحتى عدن وحضرموت للإنضمام لوحدات حُراس الجمهورية في ظل حملة استهداف سياسية واعلامية لم يسبق لها مثيل وتقاسمتها كل الأطراف السياسية ودون هواده لوأد هذه الخطوة في مهدها دون أن يكتب لهم بالطبع النجاح.

كان حجم الانخراط والتفاعل مع هذه القوة العسكرية تعبيراً عن حاجة وطنية وانعكاسا لحجم الثقة بقيادتها ممثلة بالعميد الركن طارق محمد عبدالله صالح.. وترجمة لحالة الجموح والنقمة الشعبية المتعاضمة ضد العصابة الحوثية.. وتوقاً للدولة المدنية والجيش الوطني "النظامي" الذي شاهد اليمنيون بعضا من فصوله وفصولها قبل العام 2011م وقبل أن ينشب الحوثيون مخالبهم على العاصمة المختطفة صنعاء.

يحمل كل حارس في هذه الوحدات قصته الخاصة وهي خلاصة معاناة مريرة من الحقبة الحوثية السوداء التي تمكنت في غفلة من التاريخ والزمن من رقاب اليمنيين وحكمتهم بالحديد والنار وسامتهم سوء العذاب وجرعتهم صنوف التجويع والافقار والامتهان طيلة ثلاث اعوام هي الأسوأ في الذاكرة اليمنية القديمة والحديثة والمعاصره. 

مر هؤلاء المحاربين على النقاط الحوثية في صنعاء وعمران وذمار وصولا للحوبان بتعز والبيضاء وصرواح مأرب، ودع كل منهم ابناءه واسرته وجيرانه وأهله واحباءه وحيه ومدينته باراً بقسمه العسكري وتلبية لنداء الواجب الوطني بعد أن تأكدت القناعة لدى الجميع بأن ما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة.. وأن النصر والسلام والأمن والاستقرار والسكينة العامة والكرامة لن تأتي إلا بفوهة البندقية.

حبس جميع هؤلاء المحاربين انفاسهم مع كل نقطة حوثية استوقفتهم.. ومع كل عنصر حوثي أومئ بيده لإيقاف سيارة كانت تقلهم.. أو مر بنظره في وجوه العابرين وكأني بهم ساعتها يقولون (إنتظرونا هاهنا فإنا والله عائدون لاقتلاع جماجمكم وانتزاع اكبادكم)...

لكل محارب في هذه الوحدات ابتداء من العميد الركن طارق صالح وحتى أصغر جندي ثأر شخصي ووطني مع المليشيا الحوثية الايرانية.. فمنهم من قتل عمه ومنهم من قتل اخاه وولده ووالده وزميله ورفيق دربه.. منهم من دُمرت منازله ونهبت أمواله وهتكت اعراضه.. ومنهم من لا زال احباءه قابعين في سجون الحوثيين.. ومنهم من اقصي من موقعه.. وجميعهم صودرت رواتبهم وقوت اولادهم.

ذات صباح وأثناء طابور التمام في معسكر بير أحمد في مدينة عدن الباسلة صرخ ضابط في وجه الجنود محذراً بأن من يتغيب عن حضور الطابور سيخصم من راتبه، فزمجر أحدهم في وجهه (لم نأتي هنا من أجل راتب.. شلونا الجبهة) ارتفعت بعدها أصوات الجميع منادية باطلاق العمليات العسكرية والتوجه لجبهات القتال وحصد الرؤس الحوثية.. قبل أن تتوحد افواه الجميع وشفاههم (بالروح بالدم.. نفديك يا يمن).

هي اذاً معركة الشرف لكل يمني ويمنية.. معركة استعادة الهوية اليمنية الضاربة في جذور التاريخ.. معركة الانتصار للجمهورية والحق الطبيعي لكل انسان في الحياة والعيش بكرامة وعزة.. معركة إعادة الاعتبار للدولة والدستور والنظام والقانون في وجه العصابات الظلامية الخارجة من كهوف التاريخ والعصور الغابرة.. 

هي معركة إعادة الاعتبار للمؤسسة العسكرية والأمنية التي اهانها الحوثيون عن سبق اصرار وتعمد تنفيذا لوصايا سيدهم الهالك في أحد ملازمه -بأن كل من شارك في مواجهة الثورة الايرانية سيدفع الثمن بمن فيهم الجيش اليمني- وهو ما فعله الحوثيون بالضبط بعد تسريح افراده وتدمير مقوماته ونهب ملاكاته والعبث ببنيته عبر حملة اقصاءات لضباطه وافراده وتعيينات وترقيات بالجملة لـ "اللجان الشيعية".

وما دامت ساعة الصفر قد دقت.. فإن على جميع اليمنيين أن يتوحدوا بعيداً عن أي حسابات سياسية وغير وطنية خلف معركة واحدة هي مواجهة العدوان-الحوثي وأن يكونوا عقلاً وقلباً وروحاً ووجداناً خلف أي طلقة توجه في رؤس الحوثيين باعتبارهم جائحة تتهدد الجميع.. 

وعن الحوثيين فإن عليهم حبس انفاسهم فهم على موعد مع حرب حقيقية لم يخوضوها من قبل حتى في الحروب الستة.. أما الغالية صنعاء فإن عليها أن تتزين بكامل حلتها فإنها باتت على موعد قريب مع النصر والتحرير وأقرب مما يتصور الجميع.