أحمد الزيلعي، نيوزيمن:
شيء ما يجذب انتهباه وحس الإنسان إلى عدن، كل شيء فيها جميل حتى سيئاتها، باستثناء بعض مدنها كالمنصورة ودار سعد التي يتحدث مواطنوها بأنها " حق المشاكل".
عند عقد مقارنة بين صنعاء وعدن ترجح كفة المقارنة لصالح عدن، أقصد في الأشياء التي للإنسان تدخل وتأثير فيها وإضفاء طابع الجمال على صورتها.
فحيثما يممت وجهك تقابلك حدائق ومتنزهات وشالياهات عامة بعضها مفتوحة أمام السكان والزوار طوال ساعات اليوم، إلى جانب الشواطئ التي يجد فيها الناس متنفسا للتنزه والترويح.
بينما الحال في صنعاء مختلف تماما حيث لا توجد متنزهات ومتنفسات عامة مفتوحة أمام الناس طول الوقت، ولم تحسن سلطاتها على سبيل المثال استتثمار المناطق المطلقة على العاصمة وإقامة متنزهات فيها.
يتحدث الناس في عدن عن أن كثيرا من المتنفسات والمتنزهات العامة تم إقامتها بعد إعلان الوحدة بين شطري البلاد في العام 1990م، وخاصة منها كورنش ساحل أبين الذي تم إنشاؤه في محافظ عدن السابق منصر السيلي.
لكن تلك المنشأة السياحية باتت اليوم مهددة بالإنهيار بعد أن طالتها يد التخريب، وأصبحت عدد من بانيها مكسرة.
آ يرتاح الزائر لعدن سهولة الوصول إلى المناطق التي يقصدها بسبب التخطيط المناسب لطرقها التي تنعدم فيها زحمة المركبات باستثناء فرز الباصات التي تعد المكان المناسب لتواجد أفراد شرطة السير.
انعدام الوقوف العشوائي للمركبات هو الجانب الآخر المشرق لعدن، حيث بإمكان الزائر أن يلحظ ذلك في مناطق عدن المختلفة، مع التأكيد أن لكل قاعدة استثناء.
آ آ والحال في صنعاء ومناطق من محافظات الشمال لا يسر أحدا فالعشوائية ظاهرة للعيان وقيادة المركبات بمزاجية سمة بارزة لكل أحد، وأصبحت تلك العشوائية فرصة لبعض أفراد شرطة السير للحصول على بعض المال.
كم سعدت وأنا أسمع من صديقي العدني وهو يحدثني عن محطة الكهرباء البخارية التي شيدتها روسيا في منتصف الثمانينات وبجانبها محطة لتحلية ماء البحر تغذي كافة مناطق عدن بمياه نقيه.
آ آ وهنا تبرز أهمية إقامة مشاريع مماثلة في المناطق الساحلية من البلاد.
لبريطانيا حضور مميز في عدن منذ تواجدها في منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، حضور لا تزال بصماته ماثلة للعيان.
فهناك في مدينة التواهي لا تزال الملكة البريطانية فيكتوريا تتربع على كرسي الحكم في حديقة تحمل اسمها، وساعة بيج بن وكنائس عدن، وثمة شواهد أخرى أكثر أهمية للحضور البريطاني في عدن، أبرزها سلوك الناس في عدن وثقافتهم المدنية.
في صباح الجمعة الفائت قادتني خطاي إلى شارع المعلا وهناك لفت نظري وجود أحجار تم بها قطع الطريق أمام المارة، وهنا تذكرت نصيحة لأحد مواطني عدن بأن أتجنب تجاوز أي طريق يتم قطعه لأن ذلك يعرضني لمواجهة مع أعضاء جماعات الحراك، سلكت طريقا آخر وتوجهت نحو أعضاء في الحراك وهم يقومون بالتجهيزات اللازمة لإقامة جمعة قيام الثورة الجنوبية.
وفي ساعتها دخل أحد أعضاء الجماعة في حوار قصير طلب خلاله من " أخوالهم وأعمامهم في الجمهورية العربية اليمنية القيام بثورة ضد المشائخ".
البعض الآخر من مواطني عدن لا زال لديهم حنين لنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وخاصة منهم كبار السن، حيث يشنون الإنتقادات للحكومة الحالية والتي يقولون بأنها "أسرق حكومة وعادهم جائعين ".
كما أن بعض مواطني عدن يكن الإحترام والتقدير للعمال القادمين من المحافظات الشمالية ويصفونهم بأنهم " حق شغل وينجزون العمل في أسرع وقتيحجمون عن ".
ومن الروايات التي سمعتها أن نقاط التفتيش تحجم عن تنفيذ أي عمليات التفتيش على مركبات السكان المحليين وذلك بسبب خوفهم من الدخول في جدال ومهاترات تتحول إلى اشتباكات بين الجانبين، وفقا لما حدثني به جندي ينتمي إلى محافظات الشمال يؤدي خدمته في إحدى نقاط التفتيش الواقعة بمنطقة الحسوه.
ومن الجوانب الإيجابية للسكان المحليين في عدن التزامهم الوقوف في طوابير أثناء الإستفادة من الخدمات الحكومية أو الخاصة، مثل خدمات البريد، في حين أن الأمر على خلافه في محافظات الشمال التي تتسم بالعشوائية وتشهد حالات من الإزدحام والفوضى.
حديثي عن عدن في هذه المادة الإستطلاعي حديث انطباعات لمشاهد ومواقف استوقفتني خلال زيارة قصيرة لها مع زوجتي تهاني وابنتي وجدان نتهت أمس، وغادرنا المكان وكل أمل في العودة إليها قد استعادت عافيتها وجمالها وتخلصت من مظاهر العنف الذي رافقها خلال العامين الماضيين.